الرئيسية / منوعات / أثر حصص التربية البدنية في تقليل ظاهرة العنف المدرسي في المدارس العامة

أثر حصص التربية البدنية في تقليل ظاهرة العنف المدرسي في المدارس العامة

أثر حصص التربية البدنية في تقليل ظاهرة العنف المدرسي في المدارس العامة

 

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد…

لو تصفحنا أوراق التاريخ لوجدنا العنف صفة ملازمة لبني البشر على المستوى الفردي والجماعي ، بدأ منذ أن تجرأ آدم على ربه وتسبب في أن يُطرد من جنة عدن، وبدأ بأسوأ أشكاله وهو القتل بعد قيام قابيل بقتل أخيه هابيل، “فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين” ، وتنوعت أساليب العنف وأشكاله باختلاف التقدم التكنولوجي والفكري الذي وصل إليه الإنسان، فاصبح كل تهديد بالقتل أو الايذاء والاستهزاء والحط من قيمة الآخرين والاستعلاء والسيطرة والحرب النفسية وغيرها من الأساليب عنفاً رغم اختلاف درجته. ونجد الاتجاه نحو العنف في محيط سلوكيات بعض الأفراد، كما نجده في محيط سلوكيات بعض الجماعات في المجتمع الواحد، كما يوجد في محيط المجتمعات البشرية، وهو يوجد في كل الأوقات منذ الأزل، وقد تزداد نسبة العنف في مجتمع معين وقد تنقص، كما تختلف قوته من مجتمع إلى مجتمع ومن زمن إلى زمن، وقد تكون صور التعبير عن العنف عديدة ومتباينة لأختلاف الناس وتباينهم، فضلاً عن أنهم يعيشون في مناخات ثقافية وسياسية واقتصادية مختلفة.

 

وقد بدأ الاهتمام العالمي بظاهرة العنف سواء على مستوى الدول أو الباحثين أو العاملين في المجال السلوكي والتربوي أو على مستوى المؤسسات والمنظمات غير الحكومية في الآونة الأخيرة في التزايد  نتيجة تطور الوعي النفسي والاجتماعي بأهمية مرحلة الطفولة وضرورة توفير المناخ النفسي والتربوي المناسب لنمو الأطفال نمواً سليماً جسدياً واجتماعياً، نظراً للأثر الواضح الذي تتركه علي شخصية الطفل في المستقبل، بالإضافة لصياغة الأمم المتحدة اتفاقيات عالمية تهتم بحقوق الإنسان عامة والأطفال خاصة وبضرورة حمايتهم من جميع أشكال الإساءة والاستغلال والعنف التي  يتعرضون لها في زمن السلم والحرب.

 

كما أن بروز ظاهرة العنف داخل المدارس السعودية  وازديادها بشكل مطرد داخل مجتمعنا يدق ناقوس الخطر لينذر بمزيد من تدهور العلاقة بين الطالب والهيئة التعليمية أو بين الطلاب بعضهم بعضاً وبالتالي بين شباب وقادة المستقبل، فضلاً عن العنف الممنهج والمتزايد داخل البيئة التعليمية، فالمتنمر مشروع إرهابي قادم يخرج طاقته النفسية السلبية الناتجة عن الإحباط والضغوط سواء داخل منزله أو خارجه على أقرانه ممن يقلون عنه حجماً أو لا تتبني شخصياتهم العنف، أما الطرف الأضعف والواقع عليه العنف سيكون شخصاً ضعيفاً، مهزوزاً، متردداً في اتخاذ القرارات مهما كان تفوقه العلمي أو مكانته الإجتماعية.

 

تمثل ظاهرة العنف المدرسي 82% من إجمالي حوادث العنف في المملكة بزيادة تقدر بـ 400% عن العام السابق ، فوفقاً لاحصائيات وزارة الداخلية ارتفعت الحوادث من 1406 إلى 4528 حادثة اعتداء في خلال سبع سنوات في منطقة الرياض فقط، وتنوعت الحوادث بين اعتداء طالب على معلم، أو معلم على طالب، أو ولي أمر على معلم أو اعتداء الطلاب على بعضهم بعضاً، وليست حادثة اطلاق الطلبة للرصاص على مبني مدرستهم في محافظة بيشة بعد مشاجرة مع زملائهم- والتي سيطرت عليها الشرطة بالكاد- مننا ببعيد، كما كشفت دراسة علمية أن50%   من طلاب وطالبات المدارس في السعودية يتعرضون لأعمال عنف0

 

 ترجع معظم هذه الحوادث لاضطراب النفسية في مرحلة المراهقة وما يليها فليس هناك حلاً أنجع من الرياضة وتنفيس طاقة الشباب في شيئ مفيد، يعود عليهم وعلى مجتمعهم بالنفع على المدى القصير والطويل، فضلاً عن تحسين صحتهم النفسية، ورفع الضرر عن المتضررين، بالإضافة لرفع مستوى التركيز واكتشاف ومساعدة من يعانون منهم من اضطراباً نفسياً في وقت مبكر، وبالتالي تقليل العنف في البيئة التعليمية.

 

لا شك أن جوانب الشخصية الإنسانية متكاملة ويؤثر بعضها في البعض الآخر، ويتأثر به، فالنفس والجسم وحدة مترابطـة لا يمكن الفصل بينهمـا إلا في مجال الدراسة النظرية، فمنذ ولادة الإنسان إلى الوقت الذي يكتمل فيه نضجه تتفاعل عناصر تكوينه المختلفة ويحدث التأثير المتبادل بينهما بشكل قد يكون ظاهراً حيناً وخفياً أحياناً.

 

سنتناول في هذا الكتاب –إن شاء الله- كل ما يتعلق بالعنف بشكل عام وفي البيئة المدرسية بشكل خاص، وكذلك فوائد الرياضة من منظور ديني وعلمي، وأثرها على النفس وتزكيتها وتهدئتها وكذلك دورها في تحسين نفسية الفرد واسهامها في تكوين شخصيته ونجاحه في الحياة.

 

أتمني من الله عز وجل أن يحقق هذا الكتاب الهدف منه ويكون مرجعاً وسبباً لتقليل ظاهرة العنف المدرسي عن طريق الرياضة، ولمساعدة الطلاب على تفجير طاقاتهم وابداعاتهم دون إرهاب، لتنعم أمتنا بمجتمع متفوق هادئ وآمن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الأول

العنف والعوامل المتسببة في ظهوره

 

العنف قديم قدم الإنسان وموجود في كل الحقب البشرية قاطبة، ولا يعد ظاهرة حديثة أو ظهر في حقبة تاريخية متأخرة فهو صاحب الإنسان طوال فترة وجوده على سطح الأرض، والتاريخ يشهد على وجود العنف في كافة مراحله لكنه يختلف شكلاً وحدةً ومجالاً.

 

كلمة عنف في اللغة العربية من الجذر(ع-ن-ف)، وهو الخرق الأمر وقلة الرفق به.

وهو(عنيف) إذا لم يكن  رفيقا في أمره، وفي الحديث الشريف” إن االله تعالى يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف”.

عنُفَ به، وعليه عنفا وعنافة: اتخذه بشدة وقسوة، ولامه وعيره.

 واعتنف الأمر: اخذه بعنف واتاه ولم يكن على علم ودراية به.

 واعتنف الطعام والارض: كرههم، وطريق معتَنَف، غير قاصد، وقد اعتنف اعتنافا، إذا جار ولم يقصد والتعنيف: التعبير واللوم والتوبيخ والتقريع.

 

وهكذا تشير كلمة”عنف” في اللغة العربية إلى كل سلوك يتضمن معاني الشدة والقسوة والتوبيخ واللوم والتقريع. وعلى هذا الأساس فان العنف قد يكون سلوكا فعلياً أو قولياً.

 

هناك تعريف دارج للعنف وهو “تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة أو إرغام الفرد على إتيان هذا الفعل نتيجة لشعوره بالألم بسبب ما تعرض له من أذى. وتشير استخدامات مختلفة للمصطلح إلى تدمير الأشياء والجمادات (مثل تدمير الممتلكات).

 

وقال آخرون أنه ” سلوك يهدف إلى إحداث نتائج تخريبية أو مكروهة أو إلى السيطرة من خلال القوة الجـسدية أو اللفظيـة علـى  الآخرين، وينتج عنه إيذاء شخص أو تحطيم ممتلكات وإلحاق الضرر المادي أو المعنوي بكائن حي أو بديل عن كـائن حي أفراداً أو جماعات”.

سنتناول في هذا الباب العنف وأسبابه والعوامل المساهمة في ظهوره فضلاً عن أنواع العنف المدرسي .

أما من معاني العنف الاجتماعية هو”الإكراه أو استخدام الضغط أو القوة استخداما إما غير مشروع أو غير متطابق مع القانون مما من شأنه التأثير على إرادة فرد ما أو مجموعة من الأفراد كالناخبين أو المشرفين على الانتخابات.

أما معناه القانوني هو: القوة المادية والإرغام البدني أو الإكراه البدني، واستعمال القوة بغير حق ويشير اللفظ إلى كل ما هو غير عادي وغليظ وبالغ الشدة.

 

 

الفصل الأول

 

هناك الكثير من العوامل المساهمة في ظهور العنف وتحويل الشخص من شخص مسالم عادي يتمتع بالتوازن الجسدي والنفسي لشخص عنيف يمثل خطراً على نفسه وعلى المجتمع ولكنني سأجملها في ثلاثة عوامل هي:

 

1-العوامل الإجتماعية:

ربطت المدرسة الإشتراكية بين العنف والحالة الإقتصادية، واعتبرت أن السلوك العنيف هو نتاج الظروف الإقتصادية السيئة، وأن العنف – من وجهة نظرهم- سبباً مترتباً على إنعدام العدالة الإجتماعية.

فيما اختلف رأي “دوركايم” عن البقية في هذه النقطة وهي أن العنف وليد الظروف الإقتصادية السيئة، إذ اعتبر أن العنف وليد الظروف الإجتماعية وليست الإقتصادية، ووافقته في ذلك المدرسة الإيطالية وهي من أشهر المدارس التي فسرت العنف اجتماعياً، إذ حصرت أسبابه فى عاملين أساسيين هما: العامل الذاتي،والمتعلق بشخصية الفرد العنيف. والعامل الثاني، المتعلق بالبيئة المهيأة لظهور السلوك العنيف.

 

وقد كشفت الدراسات عن وجود ارتباط بين مستوى البيئة الإجتماعية والعنف، موضحةً أن علاقة التنشئة الإجتماعية لها دور هام في احتمالية ظهور السلوك العنيف عند الأبناء ذكوراً واناثاً، إذ وُجد إرتباطاً وثيقاً بين معاملة الآباء للأبناء التى تتسم بالتدليل الزائد والعنف، ومن ناحية أخرى ارتبط العنف لدى الأبناء بعنف الآباء داخل الأسرة وبكثرة الخلافات والمشاحنات بين الزوجين.

كما ارتبط السلوك العنيف لدى الأبناء ارتباطاً وثيقاً بالبيئة الإجتماعية المتسمة بالعنف، وبين انخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة وإحتمالية العنف لدى الأبناء.

 

2-العوامل الوراثية:

لم يثبت حتى الآن أن العوامل الوراثية لها علاقة مباشرة بالعنف رغم الثورة العلمية في علم الهندسة الوراثية، وتناقضت نتائج دراستين حديثتين نسبياً قامت بهما اليزابيث عام 1991 بشأن ما إذا كانت العوامل الوراثية والجينية هي السبب في العنف أم لا، إذ أوضحت نتائج الدراسة الأولى التي اجرتها على 256 من الطلاب الذكور الذين ينحدرون من آباء دنماركيين وجود ارتباط قوي بين الانحراف الإجرامي والمضاعفات الوراثية الميلادية والمشكلات الوراثية المعقدة المصاحبة للفرد منذ الولادة. بينما أكدت الدراسة الثانية والتي أجريت على 94 طالباً ذكراً من أصل دنماركي عدم وجود ارتباط بين العنف والمضاعفات الوراثية الميلادية. وبالتالي لم تقدم اليزابيث رأياً حاسماً بشأن علاقة العوامل الوراثية بالعنف والانحراف الإجرامي.

 

وقد اجريت الكثير من الأبحاث التي تتناول علاقة العنف والجريمة بالجينات في العقدين الماضيين ، وخلصت هذه الدراسات والأبحاث إلى أنه ليس هناك جين محدد يمكن أن نطلق عليه : جين  الجريمة ، والذي يجعل الإنسان يرتكب جريمة دون إرادته – باستثناء بعض الحالات التي يفقد فيها الإنسان سيطرته على أجزاء معينة من المخ نتيجة مرض عقلي أونفسي ، فيصبح مسلوب الإرادة – وهو ما يطلق عليه مجازاً بالجنون أو فقد الأهلية ،أما الأمر الهام بالفعل والذي يتسبب في ظهور السلوكيات العنيفة والغير سوية هو التفاعل بين الجينات في حالة وجودها والعوامل البيئية، تماماً مثل البنزين والنار ، فلا يمكن أن يحدث السلوك العنيف إلا في وجود عوامل بيئية ووراثية وتفاعلهما معاً0

إذ قالت دراسة نُشرت مؤخراً قام بها  “جيمس هودزياج ” بعد دراسة 500 زوج من التوائم أن الجينات الوراثية أو العامل الوراثي ، له دخل أساسي بمشاكل التركيز والانتباه في نسبة تتراوح ما بين (70 ـ88%) ، والعدوانية  (70 ـ 77 % )  ، التوتر والاكتئاب ( 61 ـ 65 % ) في كل من الجنسين .

الا أن هذه النتيجة لا تعد رداً على من يقول أن العوامل الوراثية هي السبب الرئيسي والوحيد للعنف حتى وإن تربى الشخص العنيف في بيئة مسالمة لا تحفز على العنف، إذاً ما هو دور التربية والتقويم والبيئة والمجتمع؟! فالانسان نتاج بيئته شئنا أم أبينا وهذا يقودنا إلى العنصر التالي.

 

3- العوامل البيئية:

أكد تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية بجنيف أن المناطق العشوائية تعتبر المسئول الأول عن ازدياد حالات الادمان، والعنف، والإرهاب في الدول النامية، موضحاً أن المسكن المناسب من الناحية الطبيعية والاجتماعية يوفر للإنسان صحة جيدة سواء نفسياً أم بدنياً.

كما أشار التقرير إلى وجود أمراض اجتماعية ونفسية خطيرة ناتجة عن تلوث البيئة، بينها الاكتئاب، وإدمان الأدوية، والخمور، وكثرة المشاحنات والخلافات الزوجية، وسوء معاملة الأطفال بدنياً وجنسياً، وازدياد حالات الانتحار، وانتشار حالات التطرف والانحراف وظاهرة الاغتصاب0

وتزداد في هذه المناطق – وفقاً للتقرير- حالات العنف خاصةً ضد الأشخاص، كما يربط التقرير بين العنف وعوامل الضغط البيئي، مثل الضوضاء ، والإزدحام، وتلوث المياه، والتصميم الهندسي الردئ، وتلوث المياه وعدم توافر ظروف بيئية مناسبة للحياة بشكل جيد.

تعددت الابحاث والدراسات التي تتناول علاقة البيئة المحيطة وارتباطها بالعنف، إذ أكدت الأبحاث أن العنف يرتبط ارتباطاً وثيقاً بإزدحام المسكن ومشاهدة مشاهد العنف في التلفاز.

إن شئنا أن نعدد الأسباب البيئية المتسببة في العنف في بلادنا العربية بشكل عام والمملكة بشكل خاص سنجد ما يحتاج لكتاب آخر، لكنني سأجملها لكم في التالي:

 

 1- مرحلة الطفولة المبكرة: يتخذ الأطفال في المراحل المبكرة من عمرهم قدوة من الأشخاص المقربين منهم ، سواء كان هذا الشخص هو الأب، الأخ الأكبر، ممثل تليفزيوني أو نجم سينمائي ، سواء كان شخصاً حقيقياً أم شخصية كرتونية،فإن  كان هذا الشخص لديه سلوك عدواني خاصة فيما يشاهده الطفل في هذه المرحلة على شاشة  التليفزيون ، أو على مواقع التواصل الإجتماعي ، أو من خلال العاب الحاسوب ، فإنه يختزن هذا النموذج ، ويحاول محاكاته عبر إعجابه به في منطقة اللاشعور.

 

2- تشجيع الآباء لأبنائهم على ممارسة العنف مع زملائهم – واحياناً معلميهم- ظناً منهم أن ذلك سيكسبهم نوعاً من القوة ومن المحتمل أن يكافئونهم عندما يعتدون على زملائهم أو يضربونهم من منطلق أنهم يجب أن يعرفوا كيف يأخذوا حقهم بالقوة في زماننا الحالي.

 

3- بعض الاعتقادات الموروثة والتي تربط بين العنف والشرف والكرامة، و الأخذ بالثأر، وفي بعض الأحيان تكون ذا جدوى في مكانها الصحيح، وفي الغالب الأعم تكون خاطئة.

 

4- تعدد الظروف الإجتماعية السيئة ومن بينها: الفقر، والظلم ، والبطالة ،والفراغ ، والضغط العصبي والظروف المعيشية السيئة وتفاوت الطبقات الاجتماعية في المجتمع الواحد مما يولد الحقد والغضب والمرارة وبالتالي السلوكيات المتسمة بالعنف.

 

5- الإدمان: إذ يتسبب إدمان السجائر والمواد المخدرة والخمور إلى توليد حالة مزاجية غير طبيعية، وانتاج موجات من العنف والكراهية قد تؤدي بأن يقتل الانسان أو يؤذي غيره بسببها، وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم عندما قال عن الخمور وغيرها من مذهبات العقل “أم الخبائث”.

 

6- الغذاء : أظهرت الأبحاث الحديثة أن نقص بعض العناصر الغذائية مثل : الزنك ، والسيلينيوم، والنياسين ، والترببتوفان ، وحامض  البانتوثنيك ، وفيتامين سي وبي6  ، والحديد، والماغنسيوم وغيرها له ارتباط وثيق بظهور بعض الأعراض العدوانية ، والميل للعنف ، وقد تم علاج بعض الأشخاص مما تسبب في اختفاء هذه الأعراض و التخلص منها ، عبر زيادة هذه العناصر الناقصة في الغذاء ، وهو أمر لا ينتبه له معظم الباحثين والأطباء النفسيين.

 

كما اتضح أن بعض مكسبات الألوان والطعم التي تضاف للأطعمة الخاصة بالأطفال تسبب أعراضًا لسلوكيات عدوانية ، ونشاط غير طبيعي ، وذلك في 60 % من الأطفال الذين تعاطوا مواد مكسبة للطعم واللون ، وبعض المواد الكيماوية الحافظة ، مقارنة بـ 12 % فقط في المجموعة التي لم تتناول سوى الأغذية الطبيعية. وفي دراسة أخرى على أحد مكسبات اللون الأصفر وهي مادة ” تترازين ” ، تم إعطاء 23 طفل -لديهم حساسية ضد هذه المادة – أطعمة تحتوي على مادة “التترازين ” ، وكانت النتيجة أن 18 منهم كان نشاطه زائداً وغير اعتيادي ، بينما كان هناك 16 طفل اتسم سلوكهم بالعدوانية بعد تعاطيهم هذه المادة ، فيما اتسم سلوك 4 منهم بالعنف ، بالإضافة لإصابة بعضهم بالإكزيما ، أو حساسية الصدر الربوية ، أو تلعثم في الكلام ، وعدم التكيف ، وذلك مقابل طفل واحد أصيب بأعراض جانبية خفيفة من بين المجموعة التي تم إعطاء “التترازين ” لها ، ولا يوجد لديه أي حساسية تجاهها.

 

لذا إن أردتم انتاج أطفال وشباب أسوياء ليس لديهم ميل غير سوي للعنف يجب الانتباه منذ الصغر لقدوتهم وما يأكلونه ويشربونه وما يتعلمونه.

 

الفصل الثاني

 النظريات المفسرة لظاهرة العنف

 

تعددت النظريات المفسرة لظاهرة العنف بتعدد المدارس التي خرجت منها تلك النظريات، إذ أن تفسير هذا السلوك الذي أصبح في بلادنا ظاهرة متشعبة، ومعقدة، تحتاج للكثير من الأبحاث والدراسات الميدانية والبيئية والإجتماعية فضلاً عن دراستها بشكل قانوني وقضائي.

 

لا يمكننا – بأي حال- تفسير هذه الظاهرة دون التطرق لمسبباتها والمشاكل المتشعبة معها والمسببة في ظهورها، فالعنف في حد ذاته – وفقاً لعلماء النفس- ليس شر محض بل هو طاقة حيوية على شكل توتر يمكن استغلاله وتوجيهه سواء في الاتجاه السلبي أو الايجابي حسب الظروف، فالقتال في حالة الحرب عنف ولكنه عنف مشروع وحميد ويدل على الشجاعة والإقدام، كذلك القتال في حالة الدفاع عن الدين و النفس والشرف والعرض أمام أي اعتداء، بل سمى من مات مدافعاً عن وطنه أو عرضه أو دينه لمرتبة الشهداء كما أخبرنا بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم.

 

أما العنف غير المحمود كالعنف في المدارس أو العنف ضد الأطفال أو ضد النفس أو العنف الأسري أو العنف غير المبرر بشكل عام فسرته نظريات عدة من بينها:

 

1- النظرية النفسية:

أرجع فرويد  العنف لكون (الأنا العليا) ضعيفة، عندئذ تنطلق الشهوات والميول الغريزية على غير هدى تتلمس الإشباع عن طريق ممارسة السلوك العنيف. يرى أيضاً أن دوافع العنف  تنبع من طاقة بيولوجية عامة، تنقسم إلى نزعات بناء (دوافع الحياة) ونزعات هدم (دوافع الموت) فيما تعبر دوافع الموت عن نفسها في صورة دوافع عدوانية عنيفة، وقد تأخذ صورة القتل والحقد والتجني ومقر هذه الدوافع الهدامة أو غريزة التدمير هو اللاشعور.

وترى الفرويدية الحديثة أن العنف يرجع إلي الصراعات الداخلية والمشاكل الانفعالية والمشاعر الغير شعورية مثل الخوف وعدم الأمان وعدم المواءمة والشعور بالنقص.

 

بينما وضع دولارد وزملائه 1939 مجموعة من القوانين السيكولوجية لتفسير العدوانية والعنف خلصت إلى أن الإحباط يؤدي إلى العنف وسميت نظريتهم بالنظرية الإحباطية وهي ترى أن كل توتر عدواني ينتُج عن كبت، ويزداد العدوان مع إزدياد الحاجة المكبوتة أو زيادة عناصر الكبت بصفة عامة. أما للرد على العدوانية الناتجة عن الإحباط، فهو يرى ضرورة الإبتعاد عن الصد المباشر لها، إذ تؤدي إلى عدوانية لاحقة بينما التخفيف منها يقلل ولو بشكل مؤقت من حدتها.

 

وقسم العدوان إلى نوعين، أولهم العدوان المباشر، وهو الموجه نحو مصدر الإحباط والكبت، وعدوان موجه نحو مصدر آخر له علاقة مباشرة أو رمزية بالمصدر الأصلي وذلك عندما لايمكن توجيه العدوان نحو المصدر الأصلي وعندها يسمى هذا العدوان بظاهرة كبش الفداء. ومثال على ذلك فالمعلم الذي يحبطه مديره أو الطالب الذي يحبطه والده يوجه عنفه نحو الطلبة لأنه لا يستطيع الاعتداء على المدير في الحالة الأولي ولا يستطيع الطالب الاعتداء على والده في الحالة الثانية.

 

وصيغت هذه الفرضية على جزئين:

 1-العنف يعد دائماً نتاجا للإحباط.

2-حدوث السلوك العنيف، يفترض أن يسبقه مواقف إحباطية، ووفقاً لهذه النظرية فإن الإحباط إن لم يؤدي إلى عنف، فعلى الأقل كل عنف يسبقه موقف إحباطي، والمصدر الأساسي لهذه النظرية هي  الدراسات التي أظهرت أن  تأخير أو تعطيل إشباعات الطفل تقابل بضرب للأشياء الموجودة أمامه.

 

لكن هناك مآخذ على هذه النظرية وهي:

1-محدودية المعادلة الأصلية (العنف= إحباط)، مما دعا ميلر لتعديلها وصياغتها على هذا النحو : العنف واحد فقط ضمن عدد من الأنماط المختلفة للاستجابة التي يثيرها الإحباط”.

 

2-أهملت النظرية -بتسليمها أن أي إحباط يؤدي إلى عنف- الجوانب المعرفية والذاتية للمواقف الإحباطية، تلك الجوانب التي تتضمن شخصية الفرد المعرض للإحباط، وخلفيته الثقافية، ونوعية الموقف الإحباطي، ومدى تكرار الإحباطات في حياة الفرد، وكلها عوامل لها تأثير على إنتاج العنف من المواقف الإحباطي. وسواء كانت مجموعة ما من الظروف البيئية محبطة أم غير محبطة، فإن ذلك كله قد يعتمد على كيفية إدراك الفرد لها، بل إن إحباطها لها من عدمه مشروط بهذا الإدراك.

 

2- النظرية السلوكية “نظرية المحاكاة”:

 

تري النظرية السلوكية أو نظرية المحاكاة أن أساس السلوك العنيف هو فكرة التقليد أو المحاكاة، فوفقاً لهذه النظرية يلجأ الأطفال إلى تقليد الكبار وتعلم السلوك العنيف منهم سواء كان ذلك من خلال مواقف حقيقية أو مشاهد تُبث عبر الأفلام أو التلفاز.

 

إذ سمح عالما النفس المعروفان “بندورا وراس”  في إحدى التجارب المبكرة عام 1979لمجموعة من الأطفال بمشاهدة فيلم قصير يمثل طفل يتصرف بعنف وغلظة مع دمية فكان يركلها بقدميه ثم يمزقها وينثر حشوها الداخلي مبعثراً إياها.

 

وأظهرت هذه الدراسة لجوء الأطفال الذين شاهدوا هذا الفيلم لاستخدام نفس الأساليب العدوانية عند الإحباط مقارنة بالأطفال الذين لم يشاهدوه.  موضحةً أنهم تعلموا أن يعبروا عن إحباطهم بالعدوان (الركل – الضرب – التمزيق) نتيجة ما شاهدوه من نماذج عدوانية.

 

 ويرى بندورا في إطار نظريته في التعلم الاجتماعي، ان الطفل يتعلم العدوان والعنف كما يتعلم

الأنواع الأخرى من السلوك.  وأن مشاهدة نموذج عنيف يقدم نوعين من المعلومات هما:

 

أ. معلومات فنية تزيد من ثقة الشخص بقدرته على القيام بعمل من أعمال العنف.

ب. معلومات عن عواقب العنف الجيدة بطريقة معينة وفي موقف معين.

 

 وقد ثبت أن العنف والعدوان صفتان متلازمتان، فلا يوجد عنف بدون شعور عدواني, وإن أردنا استئصال العنف كوسيلة تعبير لابد أن نعالج السلوك العدواني في الفرد والمجتمع وذلك يقودنا لتسليط الضوء على ” نظرية المحاكاة” وهي من أهم النظريات المعاصرة لتفسير ظاهرة العدوان كنمط سلوكي, حيث يتعلم الطفل تقليد الكبار – كالأبوين – الأقارب – المعلمين- التلفزيون أو الألعاب الالكترونية وبما أن معظم أبطاله يمثلون القدوة له فتقليدهم يشجع رغبته في تقمص شخصياتهم.

 

وينبغي في هذا الإطار أن نعرف أن طفل ما قبل الخامسة لا يستطيع تتبع سياق قصة تعرض عليه تلفزيونياً من حيث الربط بين بداية ووسط ونهاية إذ لا يستطيع أن يقرأ النوايا الدقيقة للشخصيات الطيبة أو الشريرة مثل “سوبرمان – المرأة الساحرة- ليلى والذئب- توم وجيري” بل يطغى عليه الانبهار بالشخصية سعياً لتقليدها.

 

3- النظرية الإجتماعية:

تقوم الفكرة الأساسية لهذه النظرية على فلسفة “العدوى الجماعية”، إذ يفقد الأفراد التفكير المنطقي في إطار الجماعة وافترض “فسنتجر” وزملاؤه وجود حالة سيكولوجية أسموها اللاإنفراد، تؤدي لزيادة الإندفاع والعنف الممنوع اجتماعياً واحياناً أخلاقياً وقد يستثار الفرد – وفقاً لهذه النظرية- عبر عدة عوامل منها المجهولية “وهي إحساسه بأن أحداً لا يعرفه”، والاستثارة، والصوت المرتفع، والعقاقير.

إلا أن هذه النظرية ترتبط بنوع محدد من العنف وهو الذي يحدث في حالة “التجمهر” فضلاً عن أن عوامل حدوثه “العقاقير، والمجهولية، والاستثارة، والصوت المرتفع” ليست لها نفس التأثير على كل الأشخاص لكنها غالباً تزيد من إحتمالية وقوع العنف.

 

وقد وصفت العديد من الدراسات هذا النوع من العنف والمسمى أيضاً “بالعنف التلقائي” أنه نتيجة لما يسمى بـ “الحرمان النسبي”، إذ وصفه “تشالمور جونسون” بأنه عنف مدني هادف يسهم في انحسار نظام اجتماعي موضع ازدراء.

 

بينما يضم “تالكوت بارسونز” العنف السياسي لنظرية التفاعل الاجتماعي. فيما يراه”دولارد” تعويضاً عن تحقيق الأهداف والتوقعات أو الأماني.

 

أما الحرمان النسبي فما يحدده ليس المستوى المطلق أو الموضوعي للحرمان، بل مستوى الحرمان الذي يحدده الأفراد لتقييمه.

ومثال ذلك احداث العنف التي مارسها زنوج الولايات المتحدة لتنامي شعورهم بأنهم يستحقون عملاً أفضل، وما يحول دون وصولهم لهذا العمل ليس نقصاً في القدرات أو التدريب أو الطموح.

 

4- النظرية البيولوجية الوراثية:

تقوم هذه النظرية على فرضية أن الأقتتال غريزة عامة لدى الإنسان، وبالتالي يرجع جانباً كبيراً من العنف البشري إلى أصول غريزية، فوفقاً لقول “كونداد لورنز” فإن العدوان له أصول بيولوجية غريزية، وبنى فرضيته تلك على أساس ملاحظة أنواع عديدة من الحيوانات، وقدم نظريته في كتاب صدر باللغة الألمانية أسماه “ذلك الذي يُدعى شراً” عام 1966. ولا يعتبر “لورانز” العنف شراً إن أخذنا في الإعتبار وظيفته في ضمان البقاء للأصلح في جنس الحيوانات، بالإضافة لإسهامه في توزيع أفراد النوع على المساحات المتاحة في البيئة.

 

 انتقد عديدون هذه النظرية لعدة أسباب منها:

أ. السلوك الانساني يتم في اطار ثقافي وليس غريزي فقط، وبالتالي لا يمكن تعميم نتائج ملاحظاتنا عن الحيوان والتسليم بصحتها بالنسبة للإنسان.

ب. أن حتمية الغريزة كمفهوم أساسي للعنف يستدعي النظر، فطبقاً لفكرة لورانس لماذا يكون فرد بعينه عنيفاً؟ ولماذا يحدث السلوك العنيف في وقت معين؟

ج- تشكك العديد من الباحثين في إمكانية أن يشحن الفرد طاقة سلبية لمدة طويلة ثم يفرغها عن طريق العنف.

 

هل الإختلال الكروموسومي سبباً للعنف؟

حاولت النظرية البيولوجية الوراثية تفسير ظاهرة العنف عبر التركيز ثانية على كروموسوم “اكس واي واي Xyy”

فهذا الكروموسوم يعد نوعاً من الإختلال في كروموسومات الذكور إذ يوجد لدى الأنثى العادية كروموسومان اكس لتحديد الجنس والذكر لديه كروسوم اكس وواي لكن هذا الإختلال لا يمكن أن يكون سبباً في العنف لدى الإنسان، وذلك لأنه نادر الحدوث ” أقل من 1 في كل 3 الآف مولود” وبالتالي قلة الأشخاص المصابين به لا يفسر تنامي ظاهرة العنف لدى الكثيرين، كما أن الحاملين لذلك الكروموسوم ليسوا بالضرورة من المتهمين بجرائم العنف.

 

الذكورة والعنف:

تفترض هذه النظرية أن هرمون الذكورة “الاندروجين” هو السبب المباشر لحدوث سلوك العنف بدرجة أكبر بين الذكور، إذ لاحظ الباحثون في تجاربهم على الحيوانات أن خصاء الذكور يقلل من العنف بينهم، لكن – ووفقاً لهذه النظرية- ما سبب ظهور حالات العنف بين الإناث، إن لم يكن دور البيئة المحيطة مهيئاً لظهورها سواء إجتماعياً أو فيزيقياً؟

 

كما اعتمدت هذه النظرية أيضاً على أن السمات المختلفة للشخصية يقع مركز كل منها في منطقة معينة من المخ ومنها سمة التدمير والتي يعتقد أن مركزها في مكان في المخ يقع فوق الأذن، ووفقاً لهذه النظرية استخدم العالم، “مارك ورافين” أساليب عدة لتحديد مناطق النشاط الكهربي الشاذ في المخ لدى أفراد لهم تاريخ عنف اجرامي طويلن ثم نبهت هذه المناطق الكهربائية لاستثارة الوظيفة العنيفة، واستئصلت هذه المناطق جراحياً في بعض الحالات.

 

5- نظرية الشخصية:

تفترض هذه النظرية أن العنف يرتبط بخصائص شخصية محددة، إلا أنها قوبلت بالنقد إذ قال الباحثون أننا في كثير من الأحيان نرى شخصاً هادئاً خجولاً أو شخص صاحب شخصية قهرية نادراً ما نجد في سلوكه أثاراً للعنف وهو يقوم بعمليات عدوانية شديدة العنف تحت مؤشرات معينة، إذاً فالعنف يمكن حدوثه مع أي نمط من أنماط الشخصية.

 

ويرى بعض العلماء أنه رغم أن العنف يمكن أن يقوم به أي نمط من أنماط الشخصية إلا أنه وُجد أن الشباب في سن السابعة عشر والمتميزون بضخامة البنية بالنسبة لأقرانهم واعمارهم أكثر ميلاً للعنف من غيرهم.

 

ولاحظ آخرون في إحدى الدراسات في المناطق السكنية بجنوب شرق لندن أن الشباب الذكور في الأماكن الصناعية المزدحمة وفي بعض الأحياء والمدارس أكثر عنفاً من غيرهم بغض النظر عن اللون والجنسية وخلصوا إلى اعتبار أن العنف سلوك لا يمكن التنبؤ ببدايته ونهايته ودوافعه المتعددة.

 

 6- النظرية البيئية:

ترتبط هذه النظرية بشكل أساسي بمفهوم الضغط وهو – وفقاً لتعريف كولمان- تلك المطالب التي ترغم الفرد على الإسرع بجهوده وتقويتها، بينما عرفه موراي على أنه “قوة بيئية تعمل في الإتجاه المضاد للأفعال المتعلقة بحاجات نفسية. والضغط يرتبط بشكل واضح بالضغوط الخارجية في البيئة والتي من شأنها أن تؤدي بالفرد لانتهاج سلوك العنف.

 

7- النظرية الثقافية:

وهي ببساطة مبنية على وجود ثقافة وتوجه داخل المجتمع ناحية العنف، وأمثلتها كثيرة في مجتمعنا العربي منها تمجيد العنف في الأفلام والروايات ووسائل الإعلام، واعتناق معايير اجتماعية تقوم على أفكار مثل “الغاية تبرر الوسيلة”، واذكاء قوانين التنافس في التعاملات الاقتصادية والاجتماعية بشكل يجعله القانون الأساسي للبقاء مما يتسبب في زيادة العنف، وبذلك تصبح النتيجة النهائية وجود ثقافات أساسية وفرعية تقر شريعة العنف وتبرر نماذجه في المجتمع.

إلا أنني أجد العنف محموداً في عدة مواطن ذكرتها سابقاً لكن الغريب هو جعل العنف الثقافة السائدة في كافة وسائل الإعلام والمشاهد التلفزيونية سواء كان مبرراً من عدمه.

 

 

 

 

 

الفصل الثالث: تصنيفات العنف

تعددت تصنيفات العنف وفقاً لنوعه ومصدره وشكله وهدفه والكثير من المعايير الأخرى، وكانت هناك عدة مجموعات لتصنيفه نوردها البعض منها في هذا الفصل وهي:

 

1- العنف الفطري والمكتسب

هل الإنسان عنيف بطبعه أم المجتمع هو من يجعله عنيفاً؟؟ حاول الفلاسفة وعلماء الاجتماع وعلماء النفس الإجابة على هذا السؤال منذ قديم الأزل، وانقسموا بين رأيين  فالبعض، مثل الفيلسوف الإنكليزي توماس هوبز، كان يرى ان الإنسان عنيف بطبيعته، فالمطامع التي تتحكم به تدفعه إلى انتهاك حق غيره أو إلحاق الضرر به، لكن المجتمع يعمل على تخفيف حدة هذا العنف وجعل الحياة المشتركة أكثر سلامًا، متفقاً في رأيه هذا مع بعض المقولات المفسرة للعنف لكبار العلماء ومنها:

أ-نظرية المجرم بالولادة لـ “لومبروزو” وفحواها أن العنف فطري لدى بعض الناس، إذ يولدون بشخصيات عدوانية وميولاً للعنف.

 

ب- نظرية غريزة العدوان لفرويد وتقول أن العنف غريزة فطرية في الإنسان تدفعه للعدوان والقتل مفترضاً أن ما يحرك الإنسان هما غريزتين غريزة الحب أو الجنس، وغريزة العدوان وكلاهما تحدثان لتفريغ الطاقة الكامنة داخل الإنسان سواء كانت هادمة في حالة العنف أو بناءة في حالة الحب.

ج- نظرية الإحباط لدولارد والتي تؤكد أن الإحباط هو مصدر العنف، وأن كل عنف يسبقه إحباط.

 

أما البعض الآخر، مثل الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو، فيرى أن الإنسان جيد بطبعه، لكن الحياة الاجتماعية تدفعه إلى العنف، وأبرز النظريات فيها والتي أوردناها سالفاً هي “تعلم العنف بالملاحظة”، والتي تقول أن الطفل يتعلم العنف من البيئة المحيطة به عن طريق ملاحظة والديه ومعلموه واخوته واصدقائه، أو عبر ما يشاهده في التلفاز والسينما أو ما يقرؤه في الروايات والقصص البوليسية .. الخ.  وفي هذا السياق خلصت دراسة اجراها باحثون من جامعة غرناطة الاسبانية حول اسباب الموت عند الانسان مقارنة ببقية الثدييات إلى أن العنف خاصية ظهرت مع مراحل التطور، داحضين بذلك قول توماس هوبز بأن الانسان كائن عنيف بطبعه وان الحياة الاجتماعية المشتركة تكبح جماحه ويجعله اكثر هدوءاً.

 

ووفقاً لدراسة حديثة نشرتها مجلة نيتشر البريطانية فإن نسبة الموت قتلاً من قبل فرد آخر من نفس النوع عند الحيوانات الثديية يمثل 0.3 % فقط، بينما تبلغ النسبة عند البشر بعد انفصاله كلياً عن بقية الثدييات %2 بالمئة، أي  ستة اضعاف النسبة الاولى.

كما لاحظ الباحثون في هذه الدراسة ان النسبة كانت ترتفع شيئاً فشيئاً مع كل مرحلة من مراحل التطور واقتراب الإنسان من ظهوره بشكله الاجتماعي الحالي، فيما أوضح الباحث خوسيه ماريا غومير المشارك في اعداد الدراسة ان التطور الاجتماعي ليس السبب الوحيد لازدياد حدة العنف عند الانسان، ولكن هناك عدة عوامل مشتركة لظهور هذا السلوك.

 

2- العنف المقنع والعنف الرمزي:

توجد اساليب ووسائل من العنف يمارسها الافراد بوعي او بدون وعي منهم. وهو ما يطلق عليه العنف الاجتماعي المقنع أو المخفي، وهو غالباً نوع من انواع العنف الرمزي غير المباشر غالباً ولا يعتبره معظم الناس عنفاً.  وقد فرق الكثير من الباحثون العرب بين العنف المقنع والعنف الرمزي، فقالوا أن العنف المقنع هو ما يحدث عند تزايد شعور الإنسان بالعجز وعدم القدرة، نظراً لكثرة الضغوط المفروضة عليه من الخارج، وقد يتجه نحو النفس بإيذائها أو الميل إلى تدمير الذات، وقد يتجه للخارج على هيئة مقاومة سلبية مثل عدم الرغبة في العمل وتخريب الممتلكات العامة، والعدوان اللفظي والسخرية من الآخرين والتنابز بالألقاب.

 

أما العنف الرمزي فيتم أساسا عبر وسائل التربية وتلقين المعرفة والإيديولوجيا، وهو شكل لطيف وغير محسوس من العنف، وغير مرئي بالنسبة للضحايا أنفسهم. وقد أولى الجميع اهتماماً أكبر مهتما بأشكال العنف المادي والاقتصادي، رغم أن العنف الرمزي يمارس تأثيره في كل المجالات حتى في المجال الاقتصادي نفسه، كما أنه فعال ويحقق نتائج أكثر من تلك التي يمكن أن يحققها العنف المادي أو البوليسي.

 

ومما يجدر ذكره أن العنف الرمزي يمارس على الفاعلين الاجتماعيين بموافقتهم وتواطئهم. ولذلك فهم غالباً لا يعترفون به كعنف؛ بحيث أنهم يستدمجونه كبديهيات أو مسلمات من خلال وسائل التربية والتنشئة الاجتماعية وأشكال التواصل داخل المجتمع وتفرض معظم الحكومات والهيئات سلطتها وهيمنتها بهذه الطريقة، وأمثلتها الخطابات المعادية للأجانب والعنصرية، أو إظهار ألقاب التفوق التي تعتبر غير مشروعة (الاستعلاء الأرستقراطي، الوطنية المتعصبة، إيديولوجيات الشعب المختار أو الطبقة الحاكمة).

 

3- العنف الطبيعي والسياسي والإجتماعي والثقافي:

فالعنف الطبيعي هو العنف الذي تمارسه الطبقات القوية على الطبقات الضعيفة المستغلة. والعنف السياسي ويطلق عليه أيضاً “الارهاب السياسي – العنف المنظم- الجريمة السياسية … الخ”، هو العنف الذي تمارسه الدولة ضد بعض الجماعات السياسية، أو تمارسه بعض الجماعات السياسية ضد الدولة  رغم أن الباحثون يفرقون بين الإرهاب والعنف السياسي والجريمة المنظمة، إلا أن جميعهم لهم مظاهر واحدة وهي الحروب، والاغتيالات، والقتل والتخويف والترهيب الجماعي الذي يقع من جماعة أو دولة على جماعة أو مجتمع أو دولة أخرى.

 

أما العنف الإجتماعي أو الثقافي هو العنف الذي تمارسه الجماعات المتطرفة ضد الدولة من ناحية وضد المجتمع المدني من ناحية أخرى.

 

وقد وُجه النقد لهذا التنصيفات السابقة لاعتماد كل منها على معيار وحيد لتصنيف ظاهرة العنف رغم تعقيدها وتشعبها وتعدد متغيراتها، بالإضافة إلى عدم الدقة في التمييز بين الصور والأشكال المختلفة للعنف. ومن هنا ظهر تصنيف آخر للعنف استناداً لعدة معايير.

 

4- نوع العنف وفقاً لطبيعته وهدفه وشكله والقوى التي تمارسه ودرجة تنظيمه.

صنف بعض العلماء السلوك العنيف استناداً لخمس معايير هي:

أ- شكل السلوك العنيف وطبيعته: إذ استند الباحثون لتعريفات نظرية واجرائية مجردة لاشكال معينة من العنف، وهي من حيث الشكل تنقسم إلى : اضطرابات، احتجاجات، تظاهرات، أحداث شغب، تمرد عام، اغتيال، او عمليات إعدام … الخ.

ب- دوافع وأهداف العنف: إذ قد يكون الهدف من السلوك العنيف سياسي أو اقتصادي، أو اجتماعي، أو ديني، أو إجرامي.

 

ج- طبيعة القوة التي تمارس العنف: ومنها العنف الطلابي الذي يقوم به الطلبة في التظاهرات أو بين بعضهم بعضاً، أو العنف الذي يقوم به العمال، أو العنف المؤسس كالذي تمارسه منظمة الجيش والشرطة … الخ، ومن الملاحظ اتجاه بعض الفئات والقوى الاجتماعية إلى ممارسة أشكال معينة من العنف أكثر من غيرها وفقاً لطبيعة هذه القوى وخصوصيتها، فغالباً ما نجد الطلاب يتظاهرون، والعمال يضربون والفلاحون ينتفضون وأحياناً انخراط بعض القوات المسلحة في عمليات الانقلاب واستخدام العنف ضد بعض العمليات العنيفة أو غير العنيفة المضادة للنظام.

 

د- حجم المشاركين في السلوك العنيف:

إذ فرق الباحثون بين العنف المحدود أو الفردي الذي يمارسه فرد أو عدد قليل وبين العنف الجماعي الذي تمارسه فئات أكثر عدداً ويرتبط بعمليات واسعة من الحشد والتعبئة.

 

ه- درجة التنظيم:

وهنا نفرق بين العنف المخطط والمنظم كالانقلابات العسكرية وعمليات الأغتيال .. الخ، وبين العنف غير المنظم الذي يندلع بصورة تلقائية وغالباً ما يكون كرد فعل على أمر ما مثل المظاهرات واحداث الشغب.

 

ووفقاً لهذا التصنيف فلا يمكن للباحثون تصنيف العنف تبعاً لمعيار واحد بل تتعدد معايير كل نوع منها لتشعب وتعقد ظاهرة العنف.

 

5- العنف الذي يتم في إطار المؤسسات الإجتماعية:

وله مظاهر عدة منها :

أ- العنف الأسري: وهو العنف الذي يتم في إطار الأسرة، أو العائلة، مثل العنف الذي يمارسه الآباء على الأبناء أو العكس، أو العنف الذي يمارسه الزوج على زوجته أو العكس .. الخ.

 

ب- العنف الرياضي: وهو العنف الذي يشير إلى الأعمال الفعلية التي ارتكبت في رياضات تتطلب الإحتكاك الجسدي مثل كرة القدم الأميركية والهوكي على الجليد، لعبة الركبي، كرة القدم، لكروس، والملاكمة والفنون القتالية المختلطة، والمصارعة، وكرة الماء، وذلك بما يفوق المستويات العادية للاتصال المتوقع خلال لعب هذه الرياضة اوقد يكون العنف لفظيا وذلك بسب او شتم الآخرين خلال المباراة.

 

وقد تشمل أعمال العنف تلك محاولات متعمدة لإصابة لاعب من قبل لاعب أو مدرب آخر، وكذلك تهديدات بالإيذاء الجسدي أو الأذى الجسدي الفعلي المستمر من قبل اللاعبين أو المدربين الممارسين للعنف الرياضي.

 

كما يعد الشغب الذي يقوم به الجمهور أو اللاعبين أو إدارة الفريق أو الحكام نوعاً من أنواع العنف وقد يؤدي هذا النوع إلى حرب بين فريقين أو جماعتين أو دولتين.

 

وقد سُجلت أول حادثة عنف خطيرة  عام 1902 في ملعب كرة القدم بحديقة ايبروسكي بانجلترا، كما أسفرت عمليات العنف الرياضي في العالم عن خسائر كبيرة في الأرواح سجلتها دول متعددة منها البيرو والارجنتين والجزائر ومصر والسلفادور.

 

ج-العنف الأسود: وهو ما أطلق على أعمال العنف التي قام بها السود في الولايات المتحدة الأميريكية عام 1967 وعام 1968 بتخريب المدن الأمريكية الكبرى، رغبةً في التحرر من الظلم الاجتماعي والاستغلال الاقتصادي والعنصرية التي كان يمارسها السكان البيض على السكان سود البشرة.

د- العنف الطلابي: ويشار به إلى الانتفاضات والاحتجاجات والتظاهرات التي يقوم بها طلاب المدارس والجامعات اعتراضاً على وضع تربوي أو اجتماعي أو سياسي في بلدهم أو الدول الأخرى.

 

ه- العنف المدرسي: وهو العنف الذي يتم داخل اطار المؤسسة المدرسية ومنها العنف الذي يمارسه الطلاب على المعلمين، أو المعلمين على الطلاب، أو ادارة المدرسة على كل من المعلمين والطلاب أو بين الطلاب بعضهم بعضاً … الخ.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثاني

العنف المدرسي أسبابه وأنواعه

 

باتت ظاهرة العنف المدرسي ظاهرة بارزة في الدول المتقدمة والنامية على حد سواء، كما مثل العنف المدرسي وأسبابه ودوافعه الشغل الشاغل للمملكة، اذ غالباً ما يرتبط هذا العنف بالقبلية والثأر وبعد أن كان محصوراً على الذكور فقط أصبحنا نجده في مدارس الفتيات أيضاً، كما برزت هذه الظاهرة بشكل فج في الآونة الأخيرة سواء كان في المدارس أو الجامعات، وأصبحت تؤرق الكثير من أولياء الأمور والطلبة، خاصةً وأن بعض المشاجرات الأخيرة التي نُشرت في الصحف أظهرت مؤشراً خطيراً بعد استخدام الأسلحة النارية وهو الأمر الذي لم يحدث من قبل، فضلاً عن تفشي استخدام الأسلحة البيضاء الأمر الذي كان نادراً إلا أن أصبح متكرراً بوتيرة متسارعة وعلى فترات متقاربة.

 

ورغم كل الأبحاث والدراسات التي تناولت العنف في المدارس، خاصة بعد تسجيل الفتيات أيضاً حضورا لافتا في هذا الجانب، بلغتْ حدّ جزّ الشعر، وإراقة الدماء في مشاهد لا تحدث إلا على حلبات المصارعة كما حدث مؤخرا في إحدى كليات البنات، وغيرها بالتأكيد سواء ما يصل منها إلى أقسام الشرط والادعاء والتحقيق، أو ما يتم احتواؤه، إلا أننا نلاحظ أن تعاطي المؤسسات وكمجتمع مع هذه الظاهرة الخطيرة لا يزال يقترب من حدود اللامبالاة، وفي أحسن الأحوال يتم  التعامل مع حوادث العنف المدرسي على أنها مجرد مشاجرات أولاد وحسب، حتى بعدما دخل الكلاشنكوف إلى المدارس كما في حادثة تثليث إن صحت الرواية.

 

لذا علينا البحث عن حلول تطهر مدارسنا بنسبة معقولة من كل أنواع وألوان العنف الذي تمادى ليصبح لفظيا ومعنويا وجنسيا ونفسيا وجسديا، ولكن قبل ذلك ينبغي علينا البحث عن أسبابه ودوافعه لنتمكن من محاربته بشكل سليم قبل تفاقم الوضع لأسوأ من ذلك.

 

ومن هذا المنطلق يمكننا تقسيم ظاهرة العنف المدرسي لخمسة محاور:

1- المدرسين تجاه الطلبة.

2- الطلبة تجاه المدرسين.

3- الطلاب تجاه بعضهم البعض.

4- المدرسين فيما بينهم أيضاً أمام الطلاب.

5- أولياء الأمور تجاه المدرسين.

وفيما يلي سنبرز قضايا وإشكاليات تتعلق بخصائص العنف الطلابي وسماته الأساسية، وطبيعة البيئة التى ينمو فيها، على سبيل المثال لا الحصر.


الفصل الأول

تعريف العنف المدرسي وأشكاله

 

   يعرف العنف المدرسي على أنه “مجموع السلوك غير المقبول اجتماعياً بحيث يؤثر على النظام العام لمدرسة، ‏ويؤدي إلى نتائج سلبية فيما يتعلق بالتحصيل الدراسي ، وينقسم إلى عنف مادي ‏كالضرب ، والمشاجرة ، والتخريب داخل المدرسة ، والكتابة على الجدران” ، وعنف ‏معنوي ” كالسخرية والاستهزاء ، والشتم والعصيان وإثارة الفوضى “، كما أنه سلوك إيذائي قوامه إنكار الآخرين كقيمة مماثلة للأنا أو للنحن ، وكقيمة مرتكزة على استبعاد الآخر ، إما بالحط من قيمته أو تحويله إلى تابع أو بنفيه خارج الساحة أو بتصفيته معنويا أو جسديا.  ويعرف العنف بشكل عام بأنه “سلوك أو فعل يتسم بالعدوانية يصدر عن طرف قد يكون فردا أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة بهدف استغلال طرف آخر في إطار علاقة قوة غير متكافئة اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية بهدف إحداث أضرار مادية أو معنوية أو نفسية لفرد أو جماعة أو طبقة اجتماعية أو دولة” .

 

وهكذا فالعنف المدرسي يتضمن عدم الاعتراف بالآخر ويصاحبه الإيذاء باليد أو باللسان  وهو يشتمل على ثلاثة عناصر ” التهميش- الكراهية- وإنكار الآخر” كما أن العنف المدرسي سلوك غير سوي نظراً للقوة المستخدمة فيه والتي تنشر المخاوف والأضرار التي تترك أثرا مؤلما على الأفراد في النواحي الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يصعب علاجها في وقت قصير ، ومن ثم فإنه يدمر أمن الأفراد وآمان المجتمع.

 

وسنتناول هذا التعريف بشكل أكثر تفصيلاً في الفقرة التالية.

 

الفصل الأول: تعريف العنف المدرسي وأشكاله


1- مفهوم العنف المدرسي:
لم يتفق الباحثون على تحديد مفهوم العنف المدرسي تحديداً دقيقاً، إذ أن العنف هو التقصد بإيذاء الآخرين، وبالتالي يجب أن يكون هناك اتفاق بين القيّمين على المدرسة والطلاب والأهل على تعريف معنى العنف.
وربما يجدر القول أن العنف المدرسي هو “التصرّف الغير اجتماعي”، وعندئذ يُصبح كل تصرف يتخطى حدود النقاش ويصل إلى حدود المواجهة الجسدية بين الطلبة والمدرسين، أو بين أولياء الأمور والمدرسين أو بين الطلبة بعضهم البعض يعد عنفاً.
واعتبر هورلمن  Hurlman في تقرير ضد العنف أعده في مؤتمر بروكسل، أن العنف المدرسي يُغطّي مجمل النشاطات والأفعال التي تؤدّي إلى الألم أو إلى الأذى الجسدي والنفسي عند الأشخاص الناشطين في أو حول المدرسة.
فيما عرفه البعض العنف المدرسي على أنه ” عدوانٌ مبالغ فيه، وسلوك إيذائي يتم داخل حدود المدرسة، ويمكن أن ينتقل إلى خارجها، ويتخذ إما شكلاً عموديًّا (من المدرس إلى المتعلم أو العكس)، أو أفقيًّا (بين المتعلمين أنفسهم)؛ مما يؤدي إلى إلحاق الأذى بالمعنَّف، والذي قد يكون بدنياً أو نفسياً.

وقد تفاقمت مشكلة العنف المدرسي إلى أن أصبحت ظاهرة مُعقَّدةً ومركبة ترتبط بما هو نفسي واجتماعي واقتصادي وثقافي.
إذ أن العنف المدرسي على تعدُّدِه واختلاف أشكاله، هو حالةٌ مركَّبة وشائكة، تحدث في كافة البلدان المتقدمة منها والمتخلِّفة، مع اختلاف طبيعتها ورقيها.
كما تباينت الآراء والمواقف تجاه العنف المدرسي تبعًا لتعقيدات وتطورات المجتمعات؛ فمنهم مَن يرى أن العنف (في صورة عقاب) أداة فعَّالة لتحقيق الانضباط والتفوق والتميُّز الدراسي، وآخر ينظر إليه من زاوية الدفاع عن النفس، لكنه في كثير من الأحيان يكون أداة لفرض الرأي والسيطرة والهيمنة على الطرف الأضعف، إذ قد يلحَقُ به أذًى نفسيٌّ وماديٌّ، يعوقه عن إكمال نموه النفسي بشكل سليم ويجعله منطوياً معزولاً عن أقرانه.
وقد حازت ظاهرة العنف المدرسي عموماً وضد الأطفال خصوصاً على اهتمام العالم  نتيجة تطور الوعي العام فيما يتعلق بالطفولة في مطلع القرن العشرين، خاصةً بعدما تطورت نظريات علم النفس المختلفة والتي فسرت لنا سلوكيات الإنسان على ضوء مرحلة الطفولة المبكرة وأهميتها بتكوين نفسية الفرد وتأثيرها على حياته فيما بعد، كما برزت ضرورة أخرى وهي توفير الأجواء الحياتية المناسبة لينمو الأطفال نمواً جسدياً ونفسياً سليماً ومتكاملاً. وصاحب ذلك نشوء العديد من المؤسسات والحركات التي تدافع عن حقوق الإنسان وحقوق الأطفال بشكل خاص، إذ تنص الاتفاقيات العالمية بشكل واضح وصريح على ضرورة حماية الأطفال من جميع أشكال الإساءة والاستغلال والعنف التي قد يتعرضون لها ( المادة 32، اتفاقية حقوق الطفل ) وهذا يشير إلى بداية الاهتمام بالطفل على أنه إنسان له كيان وحقوق بحد ذاته وليس تابع أو ملكية لأحد مثل العائلة أو المدرسة .. الخ.
وقد تعامل الإسلام مع مفهوم  العنف والعقاب على أنهم مفهومين منفصلين ومختلفين تماماً، فينبذ العنف ويدعو إلى الرفق والعطف والتسامح ومقابلة السيئة بالحسنة حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك، عد من لا يعودك، وأهد لمن لا يهدي لك” ، ويقول أيضاً ” اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن”، وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله رفيقٌ يحبٌ الرفق في الأمر كله» متفق عليه.
وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يُعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه) رواه مسلم.
وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانهُ، ولا ينزعُ من شيءٍ إلا شانهُ» رواه مسلم.
قال ابن القيم – رحمه الله – في نونيته المشهورة:
وهو الرفيق يحب أهل الرفق
بل يعطيهم بالرفق كل أمان
ومن أسمائه سبحانه وتعالى الرفيق وهو مأخوذ من الرفق و هو التأني في الأمور والتدرج فيها، وضده العنف الذي هو الأخذ فيها بشدة واستعجال، وتفسير هذا الاسم الكريم مأخوذ من قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إن الله رفيق يحب الرفق, وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف”.
وفيما يتعلق بالعنف الكلامي فالإسلام يرفضه رفضاً قاطعاً ويطالب بعدم الاستهزاء والاستهتار بالآخرين، وهذا يتضح من قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم و لا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن، ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون”.
ومن جهة أخرى يعتبر الإسلام العنف الجسدي على أنه وسيلة من وسائل العقاب وانه وسيلة تربوية وجعله آخر الحلول لعقاب المرء فقال تعالى ” واللاتي تخافون نشزوهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً”.
إلا أن العقاب في هذه الحالة هو نوع من أنواع التربية ويستخدم لكف سلوك غير مرغوب فيه أو يكون لتأديب إنسان أو ردعه عن ظلم الآخرين، إلا أنه قرنه بشروط أن يكون غير مبرح وغير مؤلم  إذ من الممكن استخدام العنف الجسدي على أن يكون الضرب غير شديد وتجنب الوجه والرأس.
2- أشكال العنف المدرسي:
يمكن تقسيم أشكال العنف المدرسي بحسب اتجاه العلاقات داخل مكونات العملية التعليمية، إذ أن العنف قد يأتي من طالب لطالب آخر وفي هذه الحالة يكون الأذى النفسي كبير للغاية ويشمل عدة صور منها الضرب باليد أو الدفع أو الركل وهنا يكون الطفل المعتدى عليه ضعيف وعاجز عن المواجهة، يضاف إلى ذلك بعض الأساليب المعتمدة على التخويف مثل التهديد المباشر بالضرب، أو ربما تحقير الطالب بمنادته بألقاب منبوذة نظراً لمعاناته من مرض أو سمعة عائلية سيئة.
يظل العنف المدرسي من المعلم تجاه الطلاب هو أهم ما يشغل بال الباحثين التربويين نظراً لأثره النفسي الكبير في بناء الطالب وتكوين نفسية الفرد، يُلمس هذا النوع من العنف المدرسي في عدة صور مثل العقاب الجماعي الذي يفرضه المدرسون على الطلاب بمعاقبتهم نتيجة خطأ ارتكبه شخص واحد، أو سخرية أحد المعلمين من طالب بعينه،يضاف إلى ذلك اتباع سياسات التهميش والتمييز العنصري على أساس الجنس أو اللون أو الشكل أو الدين مع فرض الرأي الواحد دون قبول التنوع والتعددية.
يظهر لنا نوعاً آخر من العنف المدرسي عندما يكون موجه من طالب إلى المدرسة، وهو نوع بارز في المجتمع ويكثر الحديث عنه، إذ يعمد الطلاب في كثير من الأحيان إلى تكسير الشبابيك والأبواب والتعدي على البنية التحتية الأساسية للمدرسة، يمتد ذلك إلى الكتابة على الجدران وتمزيق الكتب والصور والأدوات التعليمية.
وفي الآونة الأخيرة أصبح هناك اتجاه يدرس العنف المدرسي المتجه من الطالب نحو معلمه، إذ ظهرت حالات تؤكد وجود تحطيم ممتلكات خاصة بالمعلم في بعض المدارس، بالإضافة إلى ممارسة التهديد والوعيد، بل وصل الأمر إلى الاعتداء المباشر في بعض الأحيان.
من زاوية أخرى قسم التقرير العالمي  لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة أشكال العنف المدرسي إلى أربع فرق؛ العقوبات البدنية والنفسية، والتسلط من قبل الزملاء الآخرين، والعنف الجنسي المستند على نوع الجنس، والعنف الخارجي المتمثل في عنف العصابات والنزاعات والأسلحة والمشاجرات.
وتعرف لجنة حماية الطفل التي أعدت التقرير المختص بالعنف المدرسي العقوبة الجسدية أو البدنية على أنها أي عقوبة يستخدم فيها القوة الجسدية لإلحاق الأذى والألم، مهما قلت شدتهما، وهنا تشمل العقوبة ضرب الطلاب باليد أو باستخدام أداة ما، ويضاف إلى ذلك (الصفع أو اللطم أو الضرب على الردفين)  وركل الطلاب أو هزهم أو رميهم أو الخدش أو القرص أو العض أو شد الشعر، أو لكم الأذنين أو إرغام الطلاب على البقاء في أوضاع غير مريحة أو الحرق أو الكي أو الإجبار على تناول مواد معينة كغسل فم الطالب بالصابون.
يأتي  التسلط ليعكس عدم التوازن في القوة والمضايقة والسخرية المهينة واستخدام الألقاب المؤذية والعنف البدني والاستبعاد الاجتماعي،  ويمكن أن يعمل الطالب المتسلط بمفرده أو في إطار مجموعة من الطلاب، إذ يكون الأطفال أكثر عرضة للمعاناة من تسلط الزملاء إذا كانوا ذوي إعاقة، أو إذا كانوا يعربون عن توجه جنسي يختلف عن توجه الأغلبية، أو كانوا ينتمون لأقلية عرقية أو ثقافية، أو يأتون من خلفية اجتماعية اقتصادية معينة.
يقوم العنف الجنسي على فرض عدم توازن القوة  أو العمل على استمراره، إذ يؤدي العنف بسبب الجنس إلى ازدياد الشروخ النفسية والقوالب النمطية والأدوار المفروضة اجتماعيا، فعلى الرغم من أن الفتيات أكثر تعرضا للعنف الجنسي في أغلب الأحيان، إلا أن الفتيان أيضا يتعرضون لهذا الخطر، يذكر أن  العنف المستند إلى نوع الجنس يكون إما بدنياً كتوجيه العقوبات الجسدية للفتية الذين لا يصدرن سلوكيات لائقة “بحسب نظر المجتمع” أو يكون جنسياً بالتحرش والإغتصاب أو يكون نفسياً مثل لوم ضحايا الإعتداء الجنسي والتمييز ضدهم.
يلفت التقرير النظر إلى بعد هام له أثر كبير على العنف المدرسي يتمثل في العنف خارج البيئة المدرسية مثل عنف العصابات والنزاعات السياسية وقسوة الشرطة والعنف العائلي، إذ يشمل عنف العصابات أعمال الضرب والطعن بآلات حادة وإطلاق الرصاص، ويؤدي للعنف في المدارس، كما يشكل عدم الاستقرار السياسي والنزاع، بما في ذلك قسوة الشرطة، أمثلة أيضا على العنف الخارجي الذي يؤثر تأثيرا عميقا على طبيعة العنف في المدارس.

3- أهم مؤشرات العنف المدرسي:
على الرغم من التطورات الهامة التي يعرفها النظام التربوي الحديث، إلا أن المنهج الدراسي يعاني العديد من النقائص والسلبيات، منها عدم ارتباط ما يتعلمه التلميذ في المدرسة جوهرياً بمحتويات الدروس والمقررات (المنهج المعلن)، إذ يرتبط بعملية ترويض التلميذ على قيم ومعايير محددة تتمثل في قيم الطاعة، واستهلاك التحيزات الاجتماعية والقيمية والأيديولوجية السائدة في المجتمع وفقاً للمنهج الخفي والمستتر المعتمد، فبحسب هذه الرؤية فإن المدرسة وفقاً لمناهجها الخفية لا تهدف إلى تحقيق المساواة بين التلاميذ بل تهدف إلى ترسيخ مبدأ اللاتكافؤ بينهم؛ وهنا لابد من الحذر من المنهج الخفي بما يغرسه من قيم سلبية تتمثل في قيم الطاعة والخضوع وإضعاف روح الإبداع في نفوس التلاميذ حيث تكون المدرسة أداة لإعادة إنتاج الواقع بكل سلبياته واخفاقاته لصالح النخبة المهيمنة.
تصبح المناهج الدراسية مصدراً خصباً من مصادر العنف خاصة العنف الرمزي عندما يتم فرضها بطريقة تعسفية وينتج عن ذلك أن معظم محتويات تلك المناهج لا تلبي احتياجات المتعلمين ولا تلائم استعداداتهم وقابليتهم، مما يؤدي إلى تذمر التلاميذ واحساسهم بالفشل، إذ  بينت العديد من الدراسات أن الكثير من المشكلات المدرسية كالهروب والعنف، مرتبطة في الأساس بالمناهج والبرامج التربوية التي لا تلبي رغبات وحاجات التلاميذ ولا تأخذ بعين الاعتبار خصوصيتهم، وخصوصية البيئة التي ينتمون إليها، ويضاف إلى ذلك اعتماد المدرسين على طرق ومناهج تقليدية، كطريقة التلقين والتي غالبا ما ترتبط بالعنف والعقاب المادي والمعنوي، فالتلقين كثيرا ما يمارس من خلال علاقة تسلطية، تحدث ردة فعل عنيفة، كما أن اعتماد المنهج التعليمي على الكم وإغفال الجانب الكيفي ( النوعي) يكرس العنف، حيث تركز جهود الأساتذة في كثير من الحالات على إتمام البرنامج الدراسي دون الاهتمام باستيعاب التلاميذ والفهم.
ينتقد مبارك سالمين مستندا لتحليل إيفان إيلتش (Ivan Illitch) المناهج والمقررات الدراسية في المدرسة العربية: ” إن مناهجنا في الغالب لا تشجع المتعلم ولا تحرضه على التفكير الحر، لكنها تلقنه، وتعسفه أحيانا على الأقل، مستعينة بالهالة القدسية التي تتمتع بها المدرسة. ونفوذها الرمزي كفضاء له من الاحترام وما ترسخ عبر أجيال طويلة. وعبر هذه الهالة والنفوذ ينبثق العنف الرمزي الذي يكتنف الثقافة المدرسية والنشاط التربوي برمته”، وهو ما يتوافق مع المقاربة التي انطلق منها بورديو وباسرون Bourdieu et Passeron عن تضمن النشاط التربوي للعنف الرمزي في الوسط المدرسي.
من جهة أخرى  كتب علي وطفة عن مظاهر التسلط في الأنظمة التربوية العربية بما فيها المدرسة يقول:” إن التسلط التربوي يؤدي إلى إنتاج الشخصية السلبية، التي تعتريها روح الهزيمة والضعف والقصور، وهو يشكل الإطار العام لعملية تربوية سلبية تبدأ في إطار الأسرة وتنتهي في أحضان المؤسسات التربوية المختلفة”.
إن المدرسة العربية تقوم على تكريس السلطة الخاصة بالنظام الأبوي، وتعمل على إعادة إنتاج علاقات التسلط التي تترك آثارا سلبية على سلوكيات وشخصية الآخرين من تلاميذ وفاعلين تربويين، فتكرس الخضوع والتسلط، وأساليب الشدة والردع، إذ يقول خلدون حسن النقيب:” إن المدرسة العربية تسعى إلى تلقين الطالب مبدأ الطاعة العمياء، والمحافظة على قيم المجتمع ومعاييره التي تعزز وضعيته الراهنة، فجزء كبير مما يتعلمه الطالب ليس له علاقة بمحتويات الكتب والدروس، وإنما هو سعي لتلقين الطالب الطاعة وجعل التلميذ يستهلك سلبيا كل التجهيزات القيمية والإيديولوجية التي يزخر بها أي مجتمع”.
والمنهج الدراسي لا يفرض على التلميذ فقط، بل نجده كذلك مفروضا على الأساتذة، فأحيانا نجده غير مناسب لاتجاهاتهم وقناعاتهم، مما يقلل من حماسهم ويضعف رضاهم عن مهنتهم، ويدفعهم للعنف في بعض الأحيان.
غياب التقييم المدرسي الهادف والموضوعي يؤدي إلى العنف خاصة من طرف التلاميذ، وعن مشكلة القياس والتقييم فقد توصل استطلاع للرأي حول العنف في المدارس إلى أن  المستجوبين يعتقدون أنهم لا يحصلون على العلامات التي يستحقونها، وهو ما يولد لديهم الإحساس بالظلم، والتمييز المفروضين من الأستاذ، وهو ما يتسبب في وقوع صراع مع التلميذ، الذي يعتقد طوال الوقت أنه ضحية سوء تقييم مدرسي.
وتعتبر الامتحانات من بين الطرق المعتمدة في مدارسنا لتقييم التلاميذ، يستعملها الأستاذ كوسيلة لفرض قوته وسيطرته، وبذلك فالامتحانات بطريقة تنفيذها تمارس عنفا رمزيا في حق التلاميذ،ليتحول بذلك التقييم التربوي إلى آلية من آليات العنف الرمزي.
يؤدي وجود خلل في طبيعة العلاقات بين أطراف العملية التعليمية من تلاميذ وفاعليين تربويين إلى وجود ظاهرة العنف المدرسي مثل اقتصار العلاقات التربوية بين المعلم والتلاميذ على البعد المعرفي العلمي المحض مع افتقارها إلى العلاقات التربوية الإنسانية، يوضح الأمر المفتش  التربوي صافي الدين البودالي بقوله:”إن التمييز بين المتعلمين وممارسة الإقصاء داخل المؤسسة أو الفصل  يؤدي  إلى ردود  أفعال  متفاوتة من تلميذ  إلى آخر، وذلك حسب الوقع النفسي على التلميذ، ومن ثم  يبدأ عنف التلاميذ على  الأستاذ أو الإدارة أو البنية التحتية للمؤسسات أو على بعضهم البعض، حيث إن العلاقات القائمة على القمع والكبت والرفض، وعدم الاعتراف بالمتعلم كذات معنوية لها الحق في التعبير عن ذاتها، كل ذلك يؤدي إلى ترسيخ فكرة وجود التلميذ في المدرسة بمحض القوة لا بمحض الفعل”، ففي الغالب تقوم العلاقات التربوية على عنصر الإكراه والتسلط، ولا يتم الاعتراف بالتلميذ كمكون من مكونات العملية التعليمية مما يخلق مناخ تربوي يتميز بالكراهية والنفور من المدرسة.
تعد سيطرة المعلم على الجانب المعرفي ورفضه كل أنواع الحوار والمناقشة مع التلاميذ، مستبدلا ذلك بالتلقين والحفظ الآلي،مظاهر تسلط تربوي في المدرسة تولد رد فعل عنيف عند المتعلمين، إذ أن تكيف التلاميذ في الوسط المدرسي يتوقف إلى درجة كبيرة على المعلم، ويقول في هذا السياق عبد العزيز القوصي: ” المعلم الماهر المحب لعمله و تلاميذه، يمكنه أن يخلق الجو الذي ينمو فيه الطفل نموا يتفق مع طبيعته من ناحية، ومع حاجات المجتمع من ناحية أخرى”
ترجع أسباب استخدام أسلوب التسلط مع التلاميذ عند بعض المدرسين، إلى نظرة المدرس عن طبيعة العلاقة بينه وبين التلاميذ، حيث تتحدد هذه النظرة في وجود فارق بين التلميذ والمدرس يترتب عليه وجود علاقة تسلطية يفرض من خلالها آراءه بالقوة على التلاميذ مستمدا قوته من شرعية السلطة المدرسية، فيتحول بذلك عنف الأستاذ إلى نشاط مبرر على التلميذ تقبله، أو قد يرجع إلى النظرة السلبية للتلميذ غير السوي، كل ذلك يؤدي إلى وجود الاتجاه التسلطي، الذي يؤثر بدوره على شخصية التلاميذ وسلوكهم، فقد يخلق جوا من التوتر والصراع داخل القسم مما يدفع بالتلاميذ إلى ممارسة السلوكيات العنيفة والتطاول على النظام المدرسي.
على صعيد آخر يعد الخلل في علاقة التلميذ بالإدارة من أسباب العنف المدرسي، إذ أن التأطير الإداري ركيزة أساسية إلى جانب التأطير التعليمي في العملية التربوية والتعليمية، حيث يرجع حدوث العنف إلى بعض التصرفات وطرق التعامل التي يتلقاها التلميذ من الإدارة المدرسية، مثل التسلط في المعاملة وعدم الاهتمام برغبات و ميول التلاميذ؛ فالإهمال واللامبالاة الإدارية تشكل عاملا حاسما في ممارسة التلميذ للعنف وتؤدي إلى النفور من المدرسة.
يعتبر الخلل في طبيعة العلاقات بين زملاء الدراسة أحد المؤثرات الهامة في تنمية عنف التلاميذ، إذ تتشكل في سن المراهقة جماعات الأصدقاء وزملاء الدراسة ممن يشكلون مجتمعا يعتبر التلميذ جزء منه، حيث أن هذه الجماعات تعمل على إشباع الغرائز الملحة التي لم يستطع إشباعها في الأسرة أو المدرسة بطريقة سوية.

الفصل الثاني

مصادر العنف المدرسي وأسبابه


1-مصادر العنف المدرسي:

ينبع العنف المدرسي من مصادر خارجية وداخلية للطالب والمعلم، إذ أن العملية التعليمية تبني بالأساس على العلاقة التفاعلية الدائمة والمتبادلة بينهما، فيؤثر سلوك كل منهما على الآخر وكلاهما يتأثران بالخلفية البيئية، حيث أرجع الباحثون المهتمون بظاهرة العنف عامة إلى عدة مصادر، فلا يوجد تفسير واحد صريح لأسباب العنف المدرسي ، ولكن هناك مجموعة عوامل عديدة تؤدى إلي فقد الإنسان قدرته في السيطرة علي أعصابه ومشاعره تجاه موقف اغضبه.
تحظى التنشئة الأسرية بنصيب كبير في تصدير ظاهرة العنف المدرسي للمجتمع، فالأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى والحاضن النفسي الذي يخرج الطفل للمدرسة ويمهده لتلقي التعليم خارج المنزل، إذ أن التنشئة الأسرية هي التي تحمي التلميذ من الميول غير السوية والتي تتبدىء في ممارسة فعل العنف الذي يتسبب بالدرجة الأولى ، في أذى النفس أولاً وأذى الآخرين ثانياً.
تعد الظروف الاقتصادية والثقافية والتعليمية للأسرة مصادر رئيسية مسببة للعنف المدرسي، إذ  أن مستوى الأسرة الاقتصادي المتدني وتضاعف أعداد الأسر الفقيرة بشكل متسارع مع انتشار معدلات الأمية بين نسب كبيرة من الآباء والأمهات- علي علم أن الأمية اليوم صارت متعددة الأنواع والأشكال-  يؤثر على ظاهر نشأة ظاهرة العنف المدرسي بدرجة عالية، كما أن ظروف الحرمان الاجتماعي والقهر النفسي والإحباط وفقدان الحنان والتفكك الأسري بانفصال الوالدين أو وجود مرض لأحد أفراد الأسرة والشعور بعدم الاستقرار الأسري نتيجة لكثرة المشاجرات والتهديد بالطلاق يساهـم في إيجاد أبناء أو أطفال غير متوافقين شخصياً واجتماعياً ونفسياً مع بيئتهم الخارجي، إذ ينتج عن ذلك شعورهم بالتوتر وتكثر في شخصيتهم ردود الفعل غير العقلانية ، فرد فعلهم يكون عنيفاً في حالة ما إذا أحسوا بالإذلال أو المهانة أو الاحتقار من أي شخص كان.
المناخ النفسي الذي يتواجد به الطفل يلعب دور كبير في ظهور سلوك العنف المدرسي، إذ أن أساليب التنشئة الخاطئة كالقسوة والإهمال والرفض العاطفي والتفريق بين الأبناء في المعاملة والقمع الفكري للأطفال من خلال التربية القائمة على العيب والخطا والحرام دون تقديم تفسير لذلك وتمجيد سلوك العنف من خلال استحسانه تفرز بلا شك اطفال لديهم استعداد كبير لممارسة العنف في المدرسة.
تؤثر بيئة السكن على ظاهرة العنف المدرسي، إذ أن الأسرة التي يعيش أفرادها في مكان سكن مكتظ يميل أفرادها لتبني سلوك العنف كوسيلة لحل مشكلاتهم، كما أن كثرة عدد أفراد الأسرة يساهم في تعزيز سلوك العنف المدرسي، حيث وجد من خلال العديد من الدراسات أن هناك علاقة بين عدد أفراد الأسرة وسلوك العنف، يضاف إلى ذلك عدم إشباع حاجات الأسرة المادية نتيجة تدني المستوى الاقتصادي.
يذكر أن وجود نوع من الفتور في العلاقة بين المنزل والمدرسة والفجوة بينهما يؤدي إلى عدم وجود إستراتيجية واضحة ومشتركة في التعامل مع التلاميذ داخل المدرسة أو المؤسسة التعليمية.
تشكل طبيعة الثقافة المجتمعية معيار هام لوجود ظاهرة العنف المدرسي، فالمجتمعات الأبوية و السلطوية والفردية أو غيرها من النظم الاجتماعية غير الديمقراطية تزداد فيها نسبة العنف،إذ أن ما يصدر عن التلميذ من سلوك عنيف له أكثر من علاقة تأثر وتأثير بالمحيط الخارجي به أو ما يعرف بالوسط المعيشي ، ويتفاعل بشكل كبير مع البيئة الجغرافية والاجتماعية التي يعيش التلميذ فيها، لأن الصعوبات التي تعترض عملية التربية المفترضة أن تمارسها المؤسسة التعليمية تتفاعل مع العوامل الخارجية بالنسبة للمؤسسة التعليمية في كثير من الأحيان .
يعد العنف التربوي من العوامل المصدرة للعنف المدرسي التي لا يمكن تجاهلها، إذ أنه يبدأ من المجتمع الذي يمارس العنف بشكل أو بآخر وبدرجات متفاوتة معتمداً عليه كأسلوب تربوي، إذ تمتد جذوره أيضاً إلى أعماق المجتمع الذي يشرع لوجود العنف النفسي والمعنوي ليكون الشخصية التربوية لدى المعلم، وشخصية المتلقي كطالب علم، وكمثال على ذلك، تفضيل الأولاد على البنات، وحرمانهن من التعليم، وتزويجهن بشكل مبكر وهو الأمر الذي يهيئ لوجود العنف بكل أشكاله وألوانه في كل زاوية من زوايا المجتمع، ويضاف أيضاً تشجيع عمل الصغار، وربط ذلك بمستوى الرجولة ، وتقديم الصغار كوجبة سائغة لمجتمع الكبار الذي لا يرحم.
مع غزو الوسائل التكنولوجية، أصبحت وسائل الإعلام المختلفة قناة مهمة جدا لتعلم سلوكيات العنف خلال عملية التنشئة الاجتماعي، فالأطفال يميلون غالبا إلى محاكاة أشكال العنف المختلفة التي يشاهدونها من خلال وسائل التخاطب الجماهيري العديدة وما لها من تأثيرات تنطوي عليه رسالة المادة الإعلامية من مشاعر الكراهية أو النبذ لطائفة معينة أو قومية أو حركة سياسية أو شخصية ما أو دين ما بعينه أو لأقلية ما، ولذا نجد في بعض المدارس أشكالاً من الاضطهاد والعنف تجاه عدداً من التلاميذ سواء من قبل تلاميذ آخرين أو عدد من الأساتذة.
يجدر بالذكر الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في تأسيس سلوك العنف لدى الأطفال من خلال ما تعرضه من برامج ومسلسلات مدعمة بعناصر الإبهار والسرعة والحركة والجاذبية، إذ يقوم الطفل بتمثيلها وحفظها في مخزونه الفكري والسيكولوجي، ويضاف إلى ذلك  ما تحتويه مسلسلات الأطفال من ألفاظ وعبارات لا تتناسب في كثير من الأحيان مع واقع المجتمع، حيث  تكرس مفاهيم القتل والعدوان والسيطرة والقوة لدى الأطفال.
2- أسباب العنف المدرسي:
تلعب العوامل الاقتصادية دوراً كبيراً في ظهور العنف المدرسي داخل المجتمع، إذ أنها من الأسباب الرئيسية لانتشار السرقة والانحراف الأخلاقي وغيرها من أنماط السلوك السلبية التي تستخدم العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها مهما كلف الثمن،  حيث ينتج عن الأوضاع الاقتصادية المتردية مشاكل عمالة الأطفال ، والتسرب من التعليم ، وأنواع مختلفة من الاستغلال اللامشروع لهم، وتظهر أيضاً مسألة الازدواجية في العمل لدى الكبار ، والتي تحول دون تفرغ المعلمين للإبداع في المجال التربوي ، وممارسة المهنة بفن ومهارة وحرفية عالية لتمكين الطلاب من الاستيعاب والفهم، والتمكن من موادهم الدراسية،  وعليه فإن انشغال طرفي العملية التعليمية بتوفير المتطلبات الأساسية للعيش يجعل من مسألة الانسجام في تقديم الخدمة والاستفادة منها أمراً خاضعاً للمتغيرات الاقتصادية وتحقيق الضرورات المعيشية، ومن هنا ينشأ الخلل في إمكانية سير العملية التعليمية بنجاح وفاعلية.
غياب العدالة الاجتماعية يتسبب في ظهور العنف المدرسي، فساكني المناطق المهمشة المحرومين من أبسط حقوق الإنسان وشعورهم الدائم بالإحباط يدفعهم في العادة إلى تبنى أسلوب العنف وتمجيده، كما أن إحساس الطبقة الفقيرة بالظلم الواقع عليها في ظل عدم القدرة على إشباع الحاجات والاحباطات المستمرة لأفراد هذه الطبقة يعزز الإحساس بكونهم ضحية للإكراه والقمع.
يدفع غياب الاستقرار السياسي بلا شك إلى الشعور بعدم الأمان نتيجة ضبابية الرؤى المستقبلية، إذ أن حالة الاضطراب السياسي تنعكس على جميع الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وهو ما يرسم صورة واضحة لممارسات العنف في المجتمع بصفة عامة والمؤسسات التعليمية بصفة خاصة، كما ان الغزو الاحتلال ينتجان العنف بكافة صوره.
يرجع العنف المدرسي في أغلب الأحيان إلى عوامل نفسية متنوعة، على سبيل المثال، عندما يصاب الفرد بالإحباط نتيجة عدم تحقيق أهداف الفرد والجماعة المادية أو النفسية، فإنه يلجأ في كثير من الأحيان للعنف، أيضاً عند الشعور بالحرمان نتيجة عدم إشباع الحاجات والدوافع المادية والمعنوية للأفراد مع الإحساس بعدم العدالة في التوزيع، يتجه الفرد نحو منهج العنف.
ينجم عن الصدمات النفسية التي يتعرض لها الأفراد المتمثلة في الفقد والتعرض لحوادث جنسية أليمة والكوارث الطبيعية والأزمات الشديدة أن ينتهج هؤلاء الأفراد العنف نتيجة عدم تلقي الدعم النفسي اللازم للتخفيف من الآثار المترتبة على ما بعد الأزمة أو الصدمة.
يتعلم الصغار من الكبار ويقلدونهم، خاصة إذا كان النموذج صاحب تأثير في حياة الطفل مثل الأب أو المعلم، إذ يجب الحذر من إتباع سلوكيات عنيفة أمام الأطفال، كما أن تعرض الطفل للعنف يدفعه إلى رده بطريقة مباشرة علي مصدر العدوان أو يقوم بعملية إزاحة أو نقل على مصدر آخر له علاقة بمصدر التعنيف.
3- المؤسسة التعليمية ودورها في انتشار العنف المدرسي:
تساهم المؤسسة التعليمية في انتشار العنف في كثير من الأحيان، إذ أن قسوة المعلمين في التوجيه والشرح واستخدامهم اساليب تقييم غير سوية و العقاب كوسيلة للتعليم تؤدي إلى سلوكيات عنيفة من جانب التلاميذ، يضاف إلى ذلك تسلط الإدارة في التعامل معهم مما يرسخ العنف في أذهان الطلاب كرد فعل طبيعي.
ينتج عن الخلل في تركيب ووضوح المنهج التربوي نوعاً من العنف المدرسي، إذ أن المناهج التربوية تشكو قصوراً كبيراً في وضوح المواد العلمية وتسلسلها وربطها بالواقع المعاش القابل للتطور المستمر، كما أنها  تحمل الكثير من التساؤلات التي كان ينبغي أن تكون لها إجابة في ذات المنهج، ويضاف إلى ذلك القصور الكبير الذي تعانيه المرافق المدرسية من حيث التجهيزات الأساسية والمتقدمة مما يحول دون إيصال المادة العلمية بصورتها المكتملة إلى أذهان الطلاب، الأمر الذي يدعو للارتباك والعجز عن الاستيعاب خاصة من قبل الطلاب الذين لا يستطيعون توفير مراجع أو وسائل إلكترونية أو دروس خصوصية لغرض فهم المادة واستيعابها، أيضاً هذه المناهج أيضاً لا تراعي الفروق الفردية بين الطلاب مما يخلق عدم القدرة على التجاوب مع المنهج.
عدم توافر الأنشطة المتعددة التي تشبع مختلف الهوايات والميول ووجود روتين ومناخ المدرسي المغلق، يساعد على عدم الرضا والكبت والقهر والإحباط، مما يولد تصرفات عنيفة عند الطلاب، كما أن استخدام الأسلوب التقليدي في التدريس القائم على تقييد حركة الطلاب أثناء الدرس، وتلقين الطالب من خلال الحفظ والتسميع بشكل متكرر يعزز اتجاه العنف لدى الطلاب.
يعمل ضيق المكان ووجود المدرسة في منطقة مهملة أو حدودية أو محاطة بوسط اجتماعي مفكك على زيادة ظاهرة العنف المدرسي، إذ أن المساحة المحدودة تولد التوتر النفسي والاحتكاك البدني، وتزيد احتمالات وجود العنف المدرسي في حالة إهمال الوقت المخصص لحصص الأنشطة البدنية، إذ أن دورها هو الحفاظ على نمط حياة صحي ومتزن للطلاب.

 

الفصل الثالث

أنواع العنف المدرسي

أولاً: العنف الطلابي

يعرف العنف الطلابي بالمشاجرات والسلوكيات العشوائية التي ينخرط فيها الطلبة داخل أسوار المدارس والمؤسسة التعليمية أو على مقربة منها، إذ تشير كافة الدلائل التي يمكن استخلاصها من المتابعات والتحقيقات الصحفية المتوافرة إلى تزايد معدلاته بشكل ملحوظ، ويأخذ فى كثير من الأحيان شكل الشغب.

 

لم تعد تقتصر ظاهرة العنف المدرسي على عنف الطلاب تجاه بعضهم، إذ شملت عدداً من الطلاب تجاه مدرسيهم، وعنفاً موجهاً من أولياء الأمور بحق المدرسين، كما تبادل المدرسون أنفسهم العنف فيما بينهم أمام الطلاب، الأمر الذي حول المدارس إلى ساحات للاقتتال وممارسة العنف، في حين أن دورها الطبيعي هو تعليم النشء قيم التسامح وقبول الآخر ونبذ العنف.

تبرز ظاهرة التنمر “BULLYING” كشكل من أشكال العنف الأكثر انتشاراً في العديد من الدول  ، إذ تعبر عن مجموعة من التصرفات والأفعال التى يمارسها فئة من الطلاب أو الطالبات بشكل منظم تجاه طالب أو طالبة معهم فى الصف أو فى المدرسة ويأخذ التنمر شكل الإقصاء أو الإهمال، حيث ترفض مجموعة الرفاق فى الصف أن تتحدث مع طفل ما وتقوم بعزله ورفضه، فضلاً عن تهديده بالضرب إذا اشتكى لأحد، وفى أحيان كثيرة يتم ضربه بالفعل، وبحسب تقارير إخبارية، ففي اليابان انتحر سبعة أطفال فى إحدى السنوات بسبب مضايقة زملائهم فى المدرسة لهم، والبحوث الحديث فى بريطانيا، وجدت أن هناك حالات تنمر بنسبة 25% فى المدارس الابتدائية و10% فى المدارس الثانوية، مما دفع القائمون على التعليم البريطاني، وضع برنامج خاص هدفه محاربة هذه الظاهرة، حيث يوجد في كل مدرسة من مدارس بريطانيا اليوم برنامج يسمى “anti-bullying program”.

 

وبالاستعانة بدراسات الطب النفسى، وجد أن ظاهرة عنف الطلبة تقع تحت بند (الاضطراب السلوكي) الذي يحتمل عدة أوجه أهمها انتهاك حقوق الآخرين بسبب وجود سلوك مضاد تجاه المجتمع والمرافق العامة وأفراده، إذ يمكن تمييز هذا السلوك لدى الطلبة بين سن السابعة والحادية عشرة ومنتصف مرحلة المراهقة، ومنها أيضا السلوك العدوانى ويشمل النشاط العدواني بالضرب، أما النوع الثالث، فيتجه نحو التقلبات المزاجية التي يمكن تشبيهها بالانفجاريات العنيفة من الغضب وتكثر بين الأطفال الصغار وتؤدى إلى انتهاج السخرية والاستهزاء بالآخرين و ممارسة العنف ضدهم، وتؤدى هذه الاضطرابات السلوكية عادة إلى التأخر الدراسي، وقد تدفع للخروج عن القانون و الإصابات الجسمانية الناتجة عن الشجار وزرع الأحقاد والسقوط فى الانحرافات.

 

تنبه الدراسات الاجتماعية إلى أن ظاهرة العنف بين الطلاب لا تنبعث من فراغ بل إن هناك الكثير من الأسباب النفسية والاجتماعية التي تغذي هذه الظاهرة، إذ أكدت دراسة أجراها المركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية إلى تنامى الميول العدوانية بين الطلبة التى ارتفعت إلى نحو 33 % من بين من يشاهدون القنوات الفضائية ونحو 30% من بين من لا يشاهدون القنوات الفضائية، وذلك بسبب مشاهدة المواد الإعلامية المتضمنة لأفعال ومظاهر العنف التي تعرض كرمز للرجولة والبطولة، إلى جانب وجود عوامل أخرى أسرية وبيئية مؤثرة فى السلوك مثل أساليب التنشئة الأسرية الصارمة للأبناء، وتنامى دوافع الغيرة والكراهية والرغبة فى الانتقام لدى الطلبة، يضاف إلى ذلك إن بعض الأهل يمارسون العنف والضغط تجاه أبنائهم مما يعزز من شعور العنف لديهم فيقومون بتفريغ الشحنات العدوانية والغضب فى أعماقهم من خلال المشاحنات والمشاجرات مع زملائهم الطلبة،عن أن نقص الوازع الدينى بقيمة وصايا الشريعة الإسلامية السمحاء بضرورة التآخى والتكافل والترابط بين أفراد المجتمع يضاعف احتمالات حدوث العنف بين الطلاب.

 

ثانياً: العنف الجنائي

العنف الجنائى يأخذ صوراً متعددة كالسرقة والقتل والاغتصاب وغيره، إذ تنامت حوادث العنف الجنائى التى يمكن تصنيفها تحت مسمى «جرائم الطلبة» تزايداً ملحوظاً على مدار السنوات الأخيرة.

 

ثالثاً: العنف اللفظي

العنف اللفظي في مجمله عنف لغوي، فيه خروج عن النواميس ولغة الاستعمال العادية، وينقسم إلى صنف فيه سباب بإيحاءات جنسية وصنف فيه سباب ديني، وهذه ظواهر فسرها علم الاجتماع بفقدان الوازع الاجتماعي وضعف الدور التربوي في ظل تغير صورة القدوة، وفسرها علم النفس بالكبت.

 

 

رابعاً: العنف السياسي

يظهر العنف السياسي بين الطلاب في  المدارس والجامعات نتيجة ضعف وغياب دور المدارس فى التربية السياسية من خلال تعليم وتدريب الطلبة على أساليب حل الخلافات والتفاوض وإدارة العلاقة بين المختلفين أياً كان سبب اختلافهم وتعلم أساليب الانتخاب الحر والنزيه لممثليهم، كما يلاحظ أنه عادة ما يتم التركيز على تعليم الشباب أسماء الوزراء والحكم المحلى خصوصاً لأعضاء الاتحاد الطلابية، مع التركيز على قراءة بعض الصحف الحكومية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الثالث

الرياضة واثرها النفسي على الفرد

 

الرياضة سر الشباب الدائم  ويمكن ان يكون للرياضه اكبر عائداً نفسياً على حياة الفرد

بل إن عشرة دقائق سيراً على الأقدام قد تحرمك من الإكتئاب والتشاؤم .

 

لا عجب أن هناك ضغوطات حياتية بشكل يومي قد تعكر صفو اليوم وربما من نهاره

, وهذا من الطبيعي جداً ; فالروتين اليومي وما قمت بفعله بالأمس تكرره اليوم قد يكسر طاقتك ويقلل من تحفيزك ; الا إذا قمت بممارسة عادة جديدة تشعرك بالارتياح النفسي التام وتبدأ هذا الروتين بتحمسِ واستعداد لكل أمر جديد قد يضاف إليك دون كللٍ أو ملل .

ولم لا فعند ممارسة الرياضة بإستمرار يبدأ الجسم بإفراز مادةالأدرينالينعند قمة النشاط الرياضي مما يشعرك بالسعادة النفسية والرضا , بالإضافه الى زيادة ثقتك بنفسك كلما كان مظهرك متناسقاً رياضياً . وكلما مارست رياضة أكثر قوة بما يتناسب مع إمكانياتك الجسمانية وطبقاً لإرادتك كان معدل الراحة النفسية , والثقة , والسعادة أكبر .

 

1-الرياضة في الإسلام :

 لقد اهتم الدين الإسلامي الحنيف بشتى جوانب الحياه ومن ضمن الجوانب التي ركَّز عليها الإسلام بشكل واسعالرياضهحيث الأهمية القصوى لها في بناء أجيال قوية , و صحيحة البنية وعلى أهبة الإستعداد دائما في الدفاع عن دينهم ووطنهم . بالإضافه للحفاظ على الصحه العامة وتجنب الأمراض من خلال ممارسة الرياضة .

 

ويأتي دور الرياضة كوسيلة نشطه لتقوية البناء الجسدي وتقويمه، فهي بهذا مطلب اسلامي ، لا كما يظن المخطئون أنها من الأمور التي يجب على المسلم الابتعاد عنها باعتبارها لهوا ولعباً يشغل عن عبادة الله وذكره ، ويقلل من درجة الهيبة والاحترام بين الناس.. وهذا بلا أدنى شك فهم خاطئ لمعنى الدين الإسلامي الشامل الذي جاء منهجاً كاملاً للمسلم في شتى جوانب الحياهالاجتماعيه والاخلاقية والنفسية والروحية ” .

 

مدح القرآن القوة متى ما استخدمت وفق ضوابط الشرع، وتحكم فيها صاحبها ووجهها للاصلاح قال تعالى في حق طالوت، وبيان سبب اصطفائه “إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ ۖ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ

 

 كما امتدحها الله لدى سيدنا موسىقَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ  “

 

كما ذم القرآن القوة متى ما استخدمت في الظلم والطغيان، أو لم تصل بصاحبها إلى معرفة الله وتعظيمه، قال تعالى: “وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ ۖ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ۖ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ ۖ”، فلم يكن للأجسام أي قيمة دون توجيهها لمكارم الأخلاق، وترسيخ القيم النبيلة .

 

كما يقول عليه الصلاة والسلامليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” . وفي ذلك تهذيب للقوة الجسدية حتى لا تكون طائشة، بل يضبطها صاحبها ويوجهها إلى مافيه الخير .

 

وإذا كان الشرع الحنيف يدعو لتقوية الأجسام، وكانت الرياضة من الوسائل الفعالة لتقوية الجسم وتقويمه، فإنها تكون مطلوبة شرعاً لتحقيقها لمصلحة راجحة متى ما روعيت فيها الضوابط الشرعية، وخلت من المفسدة والتعصب، والشحناء وكل ما فيه ظلم وبغي أو تعدٍ لأحكام الشرع .

 

كما أمر الإسلام بإعداد القوة وتعهد الجسد مثلما أمر بتعهد الروح، فإنه أمر بغذاء الجسم وتعهده بالغذاء الحلال وحرّم الأعذية الفاسدة والمضرة بالجسم، وفي ذلك مدعاة لتنبيه الرياضيين أن يتعهدوا أنفسهم بالغذاء الحلال ويبتعدوا عن كل ما حرم الله، ويضر بالجسد من مخدرات ومنشطات حتى تكون الرياضة وسيلة لتقوية الجسم، مما يمكن العبد من طاعة ربه في جد ونشاط .

 

1-حث الدين على الرياضه:

الإسلام لا يمنع تقوية الجسم بمثل هذه الرياضات، فهو يريد أن يكون أبناؤه أقوياء في أجسامهم وفي عقولهم وأخلاقهم وأرواحهم، لأنه يمجد القوة، فهي وصف كمال لله تعالى ذي القوة المتين، والحديث الشريف يقول: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف” رواه مسلم، والجسم القوي أقدر على أداء التكاليف الدينية والدنيوية، والإسلام لا يشرع ما فيه إضعاف الجسم إضعافاً يعجزه عن أداء هذه التكاليف، بل خفف عنه بعض التشريعات ابقاءاً على صحة الجسم، فأجاز أداء الصلاة من قعود لمن عجز عن القيام، وأباح الفطر لغير القادرين على الصيام، ووضع الحج والجهاد وغيرهما عن غير المستطيع، وقد قال النبي محمد صلى الله عليه واله وسلم  لعبد الله بن عمرو. وقد أرهق نفسه بالعبادة صياماً وقياما ((صم وأفطر وقم ونم، فإن لبدنك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا )) .

 

و لقد حفلت السنة النبوية والسيرة العطرة بالعديد من المواقف والكثير من الوقائع والأحداث والأقوال التي ما زالت تذكر الى الان عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته وتخبر العالم أن الإسلام دين قوة وغلبة فضلاً عن كونه دستوراً ربانياً وشريعةً حياتيه .

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قوياً صحيح البنية يحب القوة ولا عجب .

 

وهذا يعكسه قول أبو هريرة رضي الله عنه في وصف سير النبي صلى الله عليه وسلم

ما رأيت أسرع من رسول الله صلى الله عليه وسلم , كأنما الأرض تطوى له , نجهد أنفسنا وهو غير مكترث ” . كناية عن سير النبي بسرعة لمسافات طويلة دون الشعور بتعبٍ أو كلل .

 

وها هو موقف أخر يظهر شجاعة وقوة النبي محمد صلى الله عليه , فبعد صلح الحديبية بعامٍ ذهب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ليعتمروا , وقد رآهم كفار قريش يطوفون حول الكعبة فقالوا إستهزاءًسيطوفون اليوم بالكعبة ; قومٌ نهكتهم حمى يثرب

 فقال صلى الله عليه وسلم، “رحم الله امرئ أراهم من نفسه قوة، واضطبع بردائه (أي أدخل الرداء من تحت إبطه الأيمن، بحيث يظهر منكبه وعضده الأيمن )وكشف الرسول عن عضده الأيمن وقد فعل مثله شباب المسلمين في طوافهم حول الكعبة، ليرهبوا الكفار والمشركين بأجسامهم القوية وعضلاتهم المفتولة .

 

ولقد إهتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم بحث المسلمين على ممارسة الرياضة وخاصةً تلك الأنشطة التي تكسب جسم الإنسان لياقته اللازمة وتعطيه السعاده المباحة .

فقال صلى الله عليه وسلم في حديثه « المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ».

 

ومن الرياضات اللتي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف « المصارعه , ورفع الأثقال , والجري , والرمي وسباق الخيل ». كما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم مارس بنفسه رياضة المصارعةفمن بين الأشخاص الذين صارعهم وصرعهم كان ركانه وأبو الأشدين ،

فقد كان ركانة أشد رجلاً في قريش. وخلا يوما برسول الله صلى الله عليه وسلم

في بعض شعاب مكة فقال صلى الله عليه وسلم يا ركانه ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه ؟

 

قال لو أعلم أن الذي تقوله على حق لاتبعتك ، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقوله حق ، قال : نعم ، قال : فقم حتى أصارعك ،

فقام إليه ركانة يصارعه فصرعهأي هزمهرسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من مره .

 

ولقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على قومٍ يرفعون حجراً كبيراً ليعرفون الأشد منهم

فلم ينهرهم أو ينههم ولم ينكر عليهم ذلك وفي صحيح مسلم عن عقبة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

 «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ألا إن القوة الرمي، وكررها ثلاث مرات »، وهكذا فسر لنا الرسول المقصود بالقوة سواء في حديثه (المؤمن القوي) أو في الآية الكريمة ( وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة  )

 

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الأطفال الفروسية في صغرهم فعن عمر بن الخطاب أنه قالرأيت الحسن والحسين على عاتقي النبي صلى الله عليه وسلم ، قلت: نعم الفرس تحتكما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ونعم الفارسان هما ». وإلى هذه اللحظه يمارس بعض الأبآء هذه اللعبه مع أطفالهم دون أن يعرفوا أنها سنةً عن النبي صلى الله عليه وسلمْ. ولقد ورد عن عمر بن الخطاب انه قالعلموا أولادكم السباحة , والرماية , وركوب الخيل ” .

 

ولقد وضع عمر بن الخطابرضي الله عنهأساساً سليماً لمنهج تربية الأبآء لأبنآئهم المسلمين الناشئين إذا يأمر بتعليم السباحه للشباب لما فيها من مخاطرة وشجاعة إضافة الى القوة البدنية والمرونه اللتي يكتسبها السباح مع الإستمرارية في هذه الرياضه .

كما أمر رضي الله عنه أباء المسلمين بتعليم أبنائهم الرمايه التي تكسب الطفل دقه في التصويب على أهدافه وتكسبه الصبر والثبات في وقت الشدة لأقصى درجة ليتمكن من هدفه . كما أمر عمر رضي الله عنه بتعليم الأبناء ركوب الخيل والفروسية، وكل هذه أموراً تتحد مع بعضها لتكون جسدا فتياً , دائم الشباب , وقويا كما وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

ولقد فضل النبي صلى الله عليه وسلم الرماية عن سباق الخيل وجعل من الرياضة واجباً على المسلم لان فيها ربطاً مباشراً بالجهاد خصوصاً التي تخدم المسلم في حربه ودفاعه عن دينه ووطنه كالرمي بالسهام والنبل وركوب الخيل لإدراك النبي أن الإعداد البدني والمهاري يعزز من إحتمالية الإنتصار في المعارك فضلاً عن العُده فإن العتاد أهم .

 

وجاء في السنن عن عقبة بن عامر، قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « إن الله يدخل بالسهم الواحد ثلاثة أنفار الجنة، صانعه المحتسب في عمله الخير، والرامي به، والممدد به »، أو  « ومنيله،أي _ اللذي يحمله ويعطيه للرامي عند الرميفأرموا واركبوا، وأن ترموا أحب من أن تركبوا، كل لهو باطل، ليس من اللهو محمود إلا ثلاثة: تأديب الرجل لفرسه، وملاعبته أهله، ورميه بقوسه ونبله، إنهن من الحق ومن ترك الرمي بعد ما علمه رغبة فإنها نعمة تركها، (أو قال: كفرها)».

 

لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يعدُ جيلاً قوياً فتياً ليقوى على تحمل مشاق الدعوة التامه ونشرها في ارجاء العالم ولم يكن هذا سهلا ولم يؤت بالرخو والتراخي

وإنما كان بأجسادٍ لا تكل من السباق والجري والمبارزة والسباحة والتصارع ورياضاتٍ أخرى كان هدفها الأول والمباشر تأسيس بنية قوية وأساس سليم وعقل حاضر غير مرتبك وصفاءٌ دائم من خلال ممارسة أنشطة رياضية بشكلٍ مستمر.

 

ومظاهر الرياضه في الدين الإسلامي كثيره والحث عليها من قبل النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبل صحابته أكثر , والفروض والواجبات الإسلامية الكثير منها يشتمل على تنشيط أعضاء الجسم , الى جانب إفادة المسلم في رياضة الروح والتغذيه النفسيه  .

وإن ما ينتجه العالم من رياضات حديثه تصنع لها المحافل والمسابقات كان النبي صلى الله عليه وسلم يحث عليها ويباشرها ويمارسها بنفسه الطاهره .

 

2- الرياضة عند الأطفال

يُطلب من الدولالاعتراف بحق الطفل في الراحة وأوقات الفراغ، ومزاولة الألعاب، وممارسة الأنشطة الترفيهية المناسبة لسن الطفل، والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية والفنون“.

 

هكذا جاء نص المادة 31 من اتفاقية حقوق الطفل التي أبرمت من أجل الحفاظ على سلامة وعي الطفل وإدراكه العقلي ونموه الفكري وتطوره بشكل مبكر .

 

يمر الطفل بمراحل متدرجة في النمو البدني والنفسي والعقلي، وهناك بعض الأنواع المختلفة من الرياضات البدنية التي يتطلب كل منها مهارات تختلف عن الأخرى. وبعيدا عن الأنواع البسيطة من الرياضة، كالجري أو المشي  وغيرها من الأنشطة البدنية الرياضة البسيطة، تحتار كثيراً من الأمهات، وكذا الآباء، في كيفية توجيه أطفالهم إلى ممارسة أنواع الرياضة المناسبة لعمرهم والمناسبة لرغباتهم والمناسبة لقدراتهم العقلية او البدنية .

ولذا، من الضروري أن نتفهم كيفية مساعدة الأطفال على ممارسة الأنشطة الرياضية المناسبة لهم سواء في المدرسة أو مراكز الترفيه أو في الحديقة المنزلية.

 

ففي مرحلة الطفولة تتكون شخصية الفرد إما كسولاً أو نشيطاً , ومن خلال ممارسة الطفل لأنشطة رياضية فإن هذا يؤثر على عقله إيجاباً ويجعل نموه العقلي أكثر تفتحاً وتطوراً بعكس الألعاب الإلكترونية التي قد تؤذيه عاجلاً أو آجلاً، ويحدد العلماء عمرالسادسةكمعدل عام للبدء مع طفلك في نشاط رياضي  أي رياضه قد تتناسب مع عمر طفلك بها حركة .

 

كما يحدد العلماء عمرمن الثامنه للتاسعهللبدء في نشاط رياضي متخصص يحدده طفلك، كما يشير العلماء لضرورة تنويع الرياضات المختلفه لطفلك وعدم إرغامه وإجباره على نوع رياضة معين أو تحديد نوع من النشاطات والمهارات المحدده وإجباره على التأديه بشكل أفضل فيها .

 

ويتعلم الأطفال من خلال الألعاب الجماعيهخصوصاًالمثابره والتعاون والإجتهاد للوصول للهدف وعدم اليأس عند الخساره والبدء من جديد لتحقيق الفوز , والعمل على تكرار الفوز بعد سعادة الفوز الأول .

 

كما تقيهم الألعاب الجماعية من أمراض التوحد وإنفصام الشخصية المبكر وعدم ترك الطفل لخياله الواسع فبدلاً من أن يتخيل شيئاً يخيفه ويقلق منامه يتذكر منافسته مع أصدقائه وكيف كان يومه مفعماً بالحيوية والنشاط .

 

وإن جئنا للألعاب الفردية فبعد القوة البدنية التي قد يسبق بها أقرانه فإن طاقته الإبداعية تنمو بشكل أسرعإن فضل تلك الألعاب عن الألعاب الجماعيهبحر إرادته وهوايته .

 

فهناك فرق كبير بين طفل يمتلك إرادته ويحدد من هو وكيف سيكون منذ صغره وبين آخر مجبر على تحقيق رقم قياسي في شيء لا يهواه فيفشل . والعمل على وضع الطفل في العاب بها حركة كثيرة تساعد على بلورة قدرات الطفل العقلية ونموها .

 

وينصح العلماء في فترة الطفولة المبكرة بتدريب الجهاز العصبي لدى الطفل و تقديم الرياضة كأسلوب لهو جذاب!   كالوثب والتسلق والرياضات اللتي تتطلب الرشاقه والتوازن , وحركات تكور وضع الجسم .

 

وفي هذه المرحله بالتحديد يتم شرح أساليب ممارسة الرياضهنظرياًدون ممارستها بالفعل وتدريبه على الأداء دون تطبيقه كتدريبه على حمل الأوزان وكيفية الجلوس اثناء حمل وزن معين او سحب وزن معين دون حمل الوزن أو سحبه .

 

وأما في مرحلة النمو فيجب التركيز على لياقة الجهاز الدوري والجهاز التنفسي والعمل على تنشيط كلً منهما وممارسة الرياضه اللازمه لذلك بإستمرار وكذلك أنشطة التحمل  كرياضةالجري والسباحه والغطسومع نهاية مرحلة النمو وبداية مرحلة البلوغ يتم التركيز على القوة العضلية وانشطة التحمل العالية كرفع الأثقال وألعاب القوى.

 

أما بتحديد السن فمن عمر الرابعه للسابعه تقدم الألعاب للطفل في صورة جذابة للطفل ومسليه بقدر الإمكان كي يتقبلهاكالجري , والتدرب على الدراجه , والكره

 

ومن عمر السابعه للثالثة عشرأي مرحلة النموفيتم فيها تدريب الطفل على الأدوات والتمارين الرياضية الريشة, وإمساك المضرب، وحركات القفز العالي، أو رمي الكرة, ممكن تعليم الطفل السباحة من سن العاشرة, لكن بمراقبة مدرب السباحة أو أحد الوالدين ويكن ذو خبره بالمجال .

 

وأما في نهاية مرحلة النمو وبداية مرحلة البلوغ والتي تبدأ عند الثالثة عشر من عمر الطفل وتنتهي عند الخامسة عشر فهي المرحلة التي يمكن للطفل فيها أن يمارس جميع أنواع الرياضات لما هو فيه من قمة النشاط واستعداده لممارسة جميع أنواع الأنشطة

فيفتح أمامه باب ممارسة الرياضه كيفما شاء لكن تحت رقابه حتى لا يجهد نفسه أكثر من اللازم مما قد يؤثر على جهاز القلب لدى الطفل .

 

ولكن اذا لم يمارس الطفل رياضة منذ الصغر فإن جسمه قد يضعف في النمو بل ويضعف جسده على المدى البعيد وتقل مناعته وتضعف, وبالتالي لن يتمكن من مقاومة الأمراض المعدية, وقد يعاني من السمنة, وبالتالي التأثير السلبي على القلب وجهاز الدوران.

 

3- الرياضة عند الرجال

يشعر الكثير من الناس عموماً بتحسن في حياتهم اليوميه عند ممارسة الرياضه بشكل مستمر فضلاً عن الشعور بالراحه وانعدام التوتر والإكتئاب ناهيك عن الشعور بثقة  في النفس كبيرةولكن عند الرجال يضاف لأمور السابقه أمر آخر.

 

فقد كشف بحث أجراه باحثون في كلية الصحه بجامعةهارفردأن للرياضه فائدة كبرى على السائل المنوي .

 

فلقد أثبت الباحثون بعد اجراء دراسات تطبيقيه لإثبات العلاقه بين هذين العنصرين فتأكد أن الأشخاص الذين واظبوا على ممارسة الرياضه لسبع ساعات في الاسبوع  بمعدل ساعه متصله يومياً زادت نسبة الحيوانات المنويه لديهم بمقدار ثلاث وأربعون بالمئه أكثر من الرجال الذين مارسوا الرياضه لمدة ساعه واحده في الأسبوع أو أقل.

 

وبينت الدراسة أهمية ممارسة الرياضة الحرهفالرجال الذين قاموا بنشاطات خارجية كالسير في الطبيعة أو الركض أو تسلّق الجبال وغيرها من الرياضات كان لديهم كثافة حيوانات منوية أعلى بنسبة 42% من الرجال الذين لا يقضون أي وقت في الخارج، والسبب هو ان ضوء الشمس يعزّز الخصوبة من خلال زيادة معدّلات الفيتامين د“.

 

4-ضوابط إسلامية يجب مراعاتها عند ممارسة الرياضة في المدارس:

1-يجب الاحتشام في اللبس عند ممارسة الألعاب الرياضية، فلا يحل كشف العورة بحجة ممارسة الرياضة. كنزول الفتيات لحمامات السباحه بزي يكشف عوراتهن وكذلك الرجال.

 

2-ان لا تلهي الرياضة عن أداء العبادات والواجبات الدينية في أوقاتها كما أمر الله، فلا تضيع الصلاة ولا تُنهك حُرمة الصيام.

 

3-يجب أن يمارس كل جنس ما يناسبه من الرياضة في مكان خاص بهم، وألعاب الرجال بالتأكيد تختلف بالتأكيد عن رياضة النساء.

 

4-أن تكون الرياضة مشروعة وأن لا تُعرض حياة الإنسان للخطر المحقق.

 

5-ان كانت رياضه للفتيات فمن الضوابط أيضا أن يكون طاقم التنظيم والاشراف

فتيات ولا يراهن رجل مما قد يكسر سترهن .

 

الفصل الثاني

فوائد الرياضة للصحة النفسية

إنّ الانشغالَ الدائم تحت ضغط العمل والدراسة من شأنه تعريضُ الإنسان للعديدِ من الاضطرابات الجسمانية والنفسية على السواء، الأمر الذي أظهر الحاجة لقسط من الراحة والاسترخاء والتأمّل، وفترات أخرى لممارسةِ الهوايات المختلفة والانطلاق للحياة. ولا شكّ أنّ ممارسة الرياضة من أفضلِ الطرق للتخلّص من التعب الجسديّ والنفسي واستعادة النشاط والطاقة.

 

بحيث تزيدُ إفرازات الأفيونات الطبيعيّة (الأدرينالين والإندورفينز)؛ والتي تعدّ مسؤولة بدورِها عن تعزيز مشاعر السعادة والرضا لدى الفرد ، والتخلّص من التكاسل والإحباط  والتوتر , كما تقي من الإصابة بالاكتئاب.

 

و تعزّز ممارسة الرياضة الثقة بالنفس، خصوصاً عند الوصول للوزن المطلوب , وتحسين قوام الجسم .

 

كما تزيد معدّل الهدوء والاسترخاء والراحة، الأمر الذي يؤدّي إلى نوم مريح ليلاً بعيداً عن الأرق, تُعالج نوبات الغضب، خصوصاً رياضة اليوغا التي تحقق الوحدة بين الجسم، والعقل، والنفس على حدٍّ سواء. فإنها ُتعلّم الصبر، والإرادة، ومساعدة الغير وتنظيم الوقت؛ نظراً لما فيها من التزام في أداء التمارين البدنيّة.

 

تحسّن العلاقات الاجتماعية؛ فهي سبباً في التعرّف على المزيد من الأصدقاء. تمنح الشعور بالقوّة، والقدرة على إتمام النشاطات اللازمة وتأدية المجهودات العضلية والحركية دون تعب؛ الأمور التي تعزز الشعور بشبابيّة العمر.

 

1-الرياضة كعلاج لبعض الأمراض النفسية

البعض يغفل أهمية الرياضة فى علاج بعض الاضطرابات والعمل كمكمل علاجي لبعض الأمراض النفسية والتي لا يمكن للدواء وحده علاج مرض نفسي بل يلزم معه ممارسة رياضة بصورة مستمره .

 

كالإكتئابِ مثلاً فمن خلال أبحاث أجريت ودراسات قد ولدت للبشرية فإن الإكتئاب والتوتر من أحد الأمراض التي تصيبُ كماً هائلاً من الناس، ولم يكن من الممكن علاجهما بطرق تقليدية او وصفات طبيب أو نوع معين من الدواء، وكان سبب النجاح في شفاء مثل تلك الأمراض هو إرفاق وقت للمارسة الرياضه كمكمل دوائي مع العلاج يواظب عليه المريض .

 

بينما كانت نسب الشفاء من الاكتئاب والتوتر دون ممارسة الرياضة ضئيلة بل وربما منعدمة , وهذا يعكس أهمية الرياضه في حياة الفرد والأخذ بعين الإعتبار أن ممارستها تقيه من أمراض كثيرة نفسيه وجسمانيه وربما عقليه .

 

2-دور النشاط البدني في التعامل مع الضغوط النفسية:

 

عندما خلق الله الإنسان على وجه الأرض خُلقت معه ضغوطاتٍ نفسيه أو ما يعرف بالهموم وهي الجزء الغير مرغوب فيه ولكنه أساسي في الحياةِ ككل , ولقد زادت تلك الهموم وتطورت بتطور البشر وتقدمهم , وكلما كانت الحياة متطورةً أكثر ومدنية أكثر كانت الهموم أكبر وأكثر .

 

وعلى الشخص أن يراعي جسده وروحه وتغذيتهما بما فيه إفاده فعلاقة الجسم والنفس علاقة وطيدة لا تنفصم عراها فكلاهما يؤثر بالأخر ويتأثر به، ويظهر ذلك بوضوح عندما يمر الشخص بموقف ضاغط أو بمشكلة عصيبه ويلاحظ ما يحدث لجسمه من تغيرات، حيث يزداد معدلات ضربات القلب ويرتفع ضغط الدم، وربما تتضاعف مرات التنفس نتيجة انقباضات عضلية معينة في منطقة الصدر , وغيرها من التغيرات الفسيولوجية.

والضغوط النفسية لها علاقة بالكثير من الأمراض العضوية، مثل: آلام الرأسآلام الظهرالتهيجات المعويةالقرحةأمراض القلب والشرايين.

 

والمشكلة الحقيقية التي تواجهنا، هي أن الضغوط النفسية ليس لها دواء شاف أو علاج فعال، كما هو الأمر بالنسبة للكثير من الإمراض العضوية الأخرى.

 

وأسباب الضغوط النفسية كثيرة، وهي ناتجة عن مشاكل نفسية واجتماعية حياتيه تؤثر على مخ الإنسان الذي يصدر أوامره وتعليماته إلي جميع أجزاء الجسم للقيام بالتعديل والضبط الملائم والمناسب لنوع وشدة المشكلة المسببة والتأقلم على حالتها، وهنا تظهر الأعراض التي منها: الصداعصعوبة الهضمآلام العضلاتالأرقالشعور بالإحباطفقدان التركيززيادة التدخين، وفي بعض الأحيان اللجوء لتناول كميات أكبر من الطعام ثم تحدث المضاعفات السيئة الناتجه عن ذلك.

 

وقد تدرك أن الصلة والإتصال بين الرياضة والجسم الصحيح صلة تاريخيه وتواصل منذ النشأة ومهما كان القصد من الرياضة سواء كانت رياضة ممارسة عادية أم رياضة بطولة فإن آثارها إيجابية سواء علاجية أم وقائية أم نفسية فلذلك لابد من تكريس الرياضة كثقافة مجتمع ونشر الوعي الصحي بالتأكيد على ممارسة الرياضة لما فيها من فوائد عده والتعريف بها وبفوائدها وإثمان ممارستها والتشجيع على ممارستها من خلال الدراسات والأبحاث الحديثة التي أجريت في كبرى الجامعات العالمية وبإشراف أهم الأخصائيين والباحثين من مختلف التخصصات مبينة عدة أمور في مقدمتها أن الممارسة المنتظمة والمستمرة لأوجه النشاط البدني بطريقة سليمة تساعد على تحقيق التكيف النفسي لممارسيها فهي تهيئ المواقف المختلفة التي تشبع الحاجة إلى التقدير والنجاح وتحقيق الذات والأمان. و تساعد الرياضه على التخلص من التوتر أو الإرهاق العصبي وذلك بتفريغ الانفعالات المجموحه واستنفاذ كافة الطرق للوصول إلى الحالات النفسية السليمة والارتقاء بالحالة الصحية العامة للإنسان , وعمله بحماسة اكبر مما يجعلهينتج أكثر كما تقلل فرص الإصابة بالأمراض المزمنه .. وزيادة المناعة الطبيعية للجسم والوقاية من الأمراض.. هذا فضلاً عن تخلص الإنسان من الأعباء البدنية والتخلص من السمنه وزيادة الوزن وحالات القلق والتوتر وإيجاد الحياة الآمنة المستقره ويأتي تأثير الرياضة على الناحية النفسية والعقلية فهي تشكل عاملاً مهماً في الاستقرار النفسي والتنشيط الذهني والإنتاج الفكري للإنسان فهي تخفف من ضغوط الحياة اليومية وتقلل من التوتر العصبي وتساعد على الاسترخاء، وتضفي الرياضة بهجةٍ وسعادة وراحة نفسية وثقة بالنفس وتحرير من التوتر والاكتئاب بل إن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة يتمتعون بصفة القياده , وقدرات فائقة في تكوين علاقات اجتماعية سريعة مع الآخرين بسبب إختلاطهم بأقرانهم الرياضيين وإحتكاكهم عن غيرهم بالمجتمع كما يتميز الأشخاص الرياضيين بصفات من النضج الفكري والاجتماعي والصفاء الذهني والثقة المتوفره بالفطرة .

 

وهناك أبحاث تؤكد على أهمية الرياضة في التخزين المؤقت للعقل . وهذا يشير بعلاقه وطيده بين ممارسة الرياضه والجانب النفسي في حياة الإنسان : فإن كيفية تحرك العضلات وتنشيطها لها تأثيرها على الصحة العقلية (كيماوياً وحيوياً) وتأثير على الحالة المزاجية

و هناك بعض التمارين التي تخفف من الاكتئاب المزمن و المساعدة على العودة إلى النشاط وتوفير الشعور بالإنجاز.

 

ويوجد أنواع من الممارسة الرياضية التي تنمي القدرة على التكيف مع الإجهاد والضغوط الإجتماعية والإنتصار عليها والتقليل من إحتمالية الإصابه بالإكتئاب و انقاذ الانسان من الملل والضجر وضيق الصدر وتهذيب النفس وتنمية المهارات.

 

فهي تمارين عقلية أو ذهنية لإثراء وتخزين مؤقت لكيفية عمل العقل والرد من خلال تمرينه وتدريبه على الضغوطات في المستقبل بتكوين عامل التحدي وفي بدايتها تحدي الذات.

و إعطاء الحافز اللازم بالحصول على مكافأة تقديرية فهناك سؤالاً ما زال قائماً يبحث عن إجابة. وربما هو الأكثر حيرة..؟

إذا كانت ممارسة الرياضة بهذه الفائده وتجعلنا نشعر بالسعاده ؟ لماذا إذاً بل من الصعب جداً القيام بذلك؟

 

من الصعب جداً البدء في ممارسة برنامج جديد وترجو منه انجاز الكثير في وقت قليل , وهذا التصور هو من أحد الأسباب التي يزدري فيها الناس النشاط البدني, وبالنسبة للمبتدئين يجب التجريب خطوة بخطوة والبدء تصاعدياً بنظام تدريجي مع وضع خطة للتمرين المعتدل. وأيضاً النتائج المادية. التركيز على الآثار المادية من ممارسة النشاط فهو يأخذ وقت من العمل الشاق وهذا واضح قبل النتائج المرجوة. ويجب أن يكون عند القائمين على التدريب والمعالجين لتشجيع هؤلاء دفعة مزاج وحافز يقدم بالقرب من لحظة الإشباع بالاستمرار والكثير من الناس يحبون التجريب في الوقت الذي يحتوي على أكبر مكافأة وهذا ما يدل على أفضل النتائج الفورية والملموسة وأكثر بكثير من الوقت الذي تمارس به الرياضة بدون الحصول على مكافآت وبالمقابل فإن اضطرابات المزاج من قلق واكتئاب لها انعكاسات على الأداء فهي تأخذ وقت أطول ويكون الأداء منخفض وبالتالي النتائج المرجوة لا تأتي بالمستوى المطلوب .

 

ومن هذا المنطلق فإن علماء النفس في وضع فريد من نوعه لمساعدة الناس على التحرك والمبادرة ببدء أنشطتهم اليومية والجزم بأن الخبراء في تغيير السلوك وتعديله إيجابياً يمكنهم مساعدة الناس كي يصبح عندهم دوافع إيجابية عالية المستوى ورفيعة المكانه , وارتقاء فكري متميز لممارسة الرياضة وبممارسة الرياضة يمكنهم الإستماع الجاد والحقيقي بالحياه . وهناك دلائل على أن الأشخاص نشيطي الذهن في سن متقدم وعمر مديد

وبالأخذ بالأسباب إنهم أولئك الذين تعودوا على القيام بأنشطه رياضة ما وواظبوا على إثارة وتنشيط قدراتهم العقلية فكانت نسبة تعرضهم لاضطرابات الذاكرة وأمراض الشيخوخه أقل بكثير من أولئك المتصفين بقلة الحركة والخمول وعدم نزوعهم إلى ممارسة أعمال ذهنية وممارسات رياضية من شأنها تنشيط الذهن وإثارة يقظته .

 أظهرت دراسة علمية أنه في كل مرة يتعلم فيها الإنسان شيئاً جديداً حتى لو كان ذلك بسيطاً فإن هذا يحدث تبدلاً نوعياً في أطراف الخلية العصبية والنقل للسيالة العصبية. ومثلما هناك برامج كثيرة للرياضه البدنية يوجد تدريبات عقلية مثل دراسة اللغات والألعاب الذهنية المتنوعة والكمبيوتر والقراءة والمطالعة المنتظمة وغيرها وعليك معرفة أن العمل المكرر والنمطي ليس بالتدريب الجيد للذهن بل أن المفيد هو التعامل مع الشيء المثير والجديد والمختلف .

 

3-دور الرياضة في تفريغ الغرائز المكبوتة:

نقابل في حياتنا الكثير من الأحداث والمواقف، التي تتشابك في ادق تفاصيل أرواحنا ، وتندمجُ في خلايا أدمغتنا ، وتتحدُّ مع مكنوناتنا وتكبر وتتراكم في جزيئات وجداننايوماً بعدَ يوم وسنةً بعدَ سنه حتَّى تتحول إلى كتلٍ كبيرة إعتدنا عليها ، ونعجزُ عن التخلص منها ، إنَّ هذهِ الغرائز المكبوته من شأنها أنْ تدمرنا عندما تصل إلى حدٍ معين ، وتتحدُ مع لحظةِ ضعفٍ أو انكسار ، محدثةً شرخاً كبيراً في أعماقنا لا يمكن اصلاحه ، وجرحاً لا يطيب مع الزمن ، ومع أنها شيءٌ غيرُ مرئيٍ وغيرُ محسوسْ ، إلاَّ أنْ لها أثراً كبيرا وواضحاً في حياتنا ، ولربما لا يعلم بعضنا أنَّ الصداع والاكتئاب ، والقلق ، والأرق ، والوساوس ، وبعض حالات الضعف ، يكون بسبب تراكم طاقة ما سلبية ، وهذا أثر لا يمكننا اغفاله ، وإنَّ افضل وسيلة ، لعلاج هذهِ الطاقة ، هو التخلص منها أولاً بأول قبل أنْ تتراكم وتحدثَ ذلكَ الأثر الضار والخطير ، فكيفَ يمكننا التخلص من الطاقة السلبية !؟

 

إنَّ ممارسة الرياضة وسيلة رائعة لتفريغ الغرائز المكبوته واخراج الطاقه السلبية  ، كذلك وإبدال النفس بالطاقة الايجابية والنشاط ، كونها طريقة تجديد لحركة الجسم ، وكونها طريقة تفريغ بدني ، إذْ انَّ الحركات القتالية ، والحركات السريعة ، تشعر الانسان بقدراته ، وتجعله يتخلص من مسببات الإزعاج الروحية ، والتفكير بشهوانية وكبح غرائزه الفطريهكما وتساعده على نسيان عوامل القلق والتوتر ، وتوجهه لاكتشاف قدراته واستغلال وقته في شيء غير التفكير في المشاكل والضغوط اليومية .

 

إن ممارسة الرياضة لا تجعل الإنسان يفكر تفكيراً هادماً يبعده عن تحقيق أهدافه

فالغريزة هي شيء يريد الشخص الوصول إليه ولو بالقتال ويُحبَط ويكتئب حال عدم الوصول إليه , ولكن الرياضه هنا تعالج الرغبة في الوصول لغريزة قدد تتحكم بشخص

خامل لا يمارس أية رياضة وبالتالي فإن عقله يصبح سلبياً بطريقة تدريجية .

 

أما ممارس الرياضة فإن طاقته الإيجابية تعود عليه بمردودها الصحي نفسياً وجسديا فقد استنفذت الطاقه الجسمانية والقوة البدنية في مكانٍ صحيح . وفرغت تلك الغرائز الموجوده بالفطرة في الشخص الممارس لرياضة ما في عملٍ يرد له ويعود عليه بالنفع وفي ذات السياق فإن الدوافع نفسها تتغير مع ممارسة الأنشطه البدنية وطريقة التفكير تختلف فتصبح هناك إرادة قوية في عدم إجهاد الجسد في شيء غير الذي سيفيده لاحقاً.

 

 

 

 

 

الفصل الثالث

العنف اثناء ممارسة الرياضة

في بداية خلق الإنسان , وُجد العنف , و تعددت مسمياته و أنواعه , و اختلفت أشكاله و تأثيراته , على البشرية جمعاء , و يُعتبر العنف الرياضي في الملاعب أحد هذه الأنواع, و هو ظاهرة اجتماعية قديمة , قد انتشرَت منذ أن وُجدت الرياضة .و العجيب في عالم الرياضة أنّه كلما اشتد التنافس الرياضي من أجْل الإثارة و المتعة, وتحسُّن النتائج و تديم الأفضل زاد العنف, و كثرَت المشاكل الرياضية , خاصة  في كرة القدم. فاتخذ الوسط الرياضي من العنف أشكالا مختلفة  كالعنف اللفظي بالألفاظ السيئة و الصراخ و التهكم بالآخرين , أو العنف المادي الذي يتسبب في الخسائر المادية , أو العنف بين اللاعبين أنفسهم , أو عنف المشجعِين ضد الفريق , لا سيَّما إذا كانت المباراة حاسمةً.

 

تعتبر الرياضية وسيلة من وسائل الترويح عن النفس تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً . ولكن عندما تحولت هذه الوسيلة إلى غاية من الغايات التي يتنافس عليها الأفراد بغرض تحقيق أرباح وجني استثمارات منها فتنافس عليها أيضاً بعض المجتمعات وأدت إلى شيوع بعض الإفرازات السيئة بحكم التنافس الخارج عن حدود الآداب والروح الرياضية  والأعراف التي بين الناس والتي لم تكن موجوده قديماً ، ومن تلك الإفرازات ظاهرة العنف الرياضي التي أدت إلى هلاك الكثير من الأرواح وانتشار العصبيات القاتله والبغيضه بين متابعي الرياضة بمختلف أشكالها و انواعها .

 

ظاهرة العنف في الرياضية ظاهرة إجتماعية معقدة تدخل فيها عدة متغيرات . هذه الظاهرة ليست حديثة في المجال الرياضي وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الرياضة . لكن الجديد هو تعدد مظاهر العنف وأشكاله في مختلف الرياضات . فالعنف خليط بين سلوكاً عدوانياً يرتبط بمجموعة من المناصرين أو بمجموعة مؤيده لفريق ما تجابه مجموعة وربما مجموعات أخرى وقد تصل المواجه الى الإقتتال وجهاً لوجه وبالأخير تسمى عصبيةً لفريق ما أو شخصٍ ما أو رياضةٍ ما .

 

1-أسباب العنف في النشاط البدني الرياضي:

 

إن الإنجازات الرياضية على المستوى العام وأنشطتها تعتبر أحد أهم المؤشرات التي يحكم من خلالها على مستوى التقدم الاجتماعي والثقافي لدولة ما أو مجتمعٍ كائن ، فالرياضة ظاهرة اجتماعية ثقافية متداخلة بشكل عضوي في نظام الكيانات والبنى الاجتماعية وتتأثر بتأثر الظروف السياسية .

 

وقد تكون هناك مساحة ما محدوده للعدوان في الرياضة لكنها محكومة بقواعد اللعبة, ولقد نالت إشكالية العدوان وانتشارها في مختلف الرياضات اهتماما كبيرا من قبل العديد من الباحثين والخبراء وهذا نظرا لخطورة الظاهرة على المشاهد أو المتابع  وارتباطها بكثير من المتغيرات ذات الصلة بنمو شخصية الفرد اجتماعيا ونفسيا وعقلياً, ولعل من أهم الأسباب التي تؤدي الى تزايد ممارسة العنف هو انعدام شروط الأمن وهو ما يدفع الى زيادة السلوكيات العدوانية لدى الجمهور ربما وربما بين اللاعبين أنفسهم كما إن جذور المجتمع المبني على السلطة الأبوية تعد أيضا من أهم الأسباب وراء ظاهرة العنف.

 

وتعد المراهقة من أهم المراحل العمرية لبروز هذه الظاهرة والسير خلف من يروجون لها ، ولعل من الأمور التي زادت العنف والسلوك العدواني عند المراهقين ناهيك عن التنشئة الاجتماعية للفرد هي الظروف الراهنة في ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية والإحباط والتقليد وكذا التأثير الكبير لوسائل الإعلام وشعور المراهق بأنه يصنع حدثاً .

 

وعلى سبيل المثال فإن كرة القدم هي الأكثر الشعبية بين أفراد المجتمع و خاصةً بين الشباب . فاللاعبون شباب ؛ والمشجعين شباب وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على صفات إجتماعية و شخصية تتميز بها مرحلة الشباب مثل حب الظهور والقيادة , وإظهار الشجاعة ، و القوة ،و الحماسة ، البحث عن الاستقلالية . والفخر بعبارات الرجولة وغيرها من الصفات التي لها دور في توجيه سلوكيات الفرد وتصرفاته وتحدد اتجاهه. وما العنف إلا وسيلةٍ لتحقيق حاجات ورغبات نفسية واجتماعية في نفس الشخص. وللتقليد أيضاً دور في انتشار العنف وقد أوضحعلماء نظرية التعلم الاجتماعيأن العنف الرياضي والعدوان هما ظاهرة مكتسبة عن طريق الملاحظة والمحاكاة يتعلمها الأفراد كما يتعلمون أي نوع من أنواع السلوك الأخرى كالمشي والتكلم . كذلك العصبية والجهوية والقبلية والتحزب كلها عوامل ناتجة عن التنشئة الإجتماعية والتربية البيئية . تدفع بعض الشباب إلى مناصرة فريق ما بحماسة ومفرطة .

 

 

وللعنف الرياضي أسباب كثيرها نحصرها في النقاط التالية :

1-الطابع الشخصي :هناك بعض اللاعبين يتميزون بالسلوك العدواني الفطري نتيجة تكوينهم الشخصي طبقاً للبيئة التي نشئوا بها وظروفهم الأسريه ، فهناك بعض سمات الشخصية التي تميز اللاعبين بالعدوان ، العنف ، زيادة الانفعال ، الغضب ، وينتج عن ذلك اضطراب في شخصية هؤلاء اللاعبين مما يجعلهم أكثر عدواناً من غيرهم .

2-التحدي الرياضي :يختلف التحدي الرياضي من حيث شدته فهناك تحدٍ يتميز بالصعوبة وآخر يتميز بالسهولة ويتوقف أداء اللاعب على مدى تقبله للفوز والهزيمة .

 

3- قواعد وقوانين الممارسة :إن بعض قوانين الألعاب يمكن أن تطبق بطريقة في مباراة وتطبق بطريقة أخرى في مباراة ، وقد يرجع ذلك لأن بعض قوانين الألعاب تسمح بذلك فتعطي الحكم الحرية في الحكم على بعض الألعاب وهذا ما يسمى روح القانون وليس القانون .

 

4- بيئة اللعب (اللعب على أرض الفريق) :يتم توثيق مزايا اللعب على أرض الفريق في المنافسات الرياضية إلى حد ما ، وقوة واتساق مزايا اللعب على أرض الفريق قد جعلتها ظاهرة عامة في الرياضة اليوم .

 

5-وسائل الإعلام :قد تساهم وسائل الإعلام في بعض الأحيان في زيادة السلوك العدواني لدى بعض اللاعبين من كثرة الشحن النفسي الزائد الذي يتم سواء في الصحافة أو الإذاعة أو التليفزيون من خلال ما يكتب أو من خلال عقد الندوات خاصة قبل المنافسات التي يطلق عليها أنها هامة أو مباراة تعتبر مصيرية بالنسبة للاعبين ، والصحافة بهذا المعنى لها تأثير مباشر على ظهور هذا السلوك على بعض اللاعبين .

 

6-الجماهير:تساهم الجماهير بنسبة كبيرة في التأثير على سلوك اللاعبين ويتم ذلك من خلال التشجيع ، فإذا كان هذا التشجيع إيجابي ينتقل أثره لسلوك اللاعبين بالإيجابية ، أما إذا كان التشجيع سلبي ينتقل أثره على سلوك اللاعبين بالسلبية والتي تكون إحدى صورها العدوان تجاه النفس أو الغير أو الأدوات .

 

7-الإنجـــاز :ويعني الدافع للإنجاز باعتباره حرص الفرد على تحقيق الأشياء التي يراها الآخرون صعبة ، والإنجاز قد يصل إلى أن اللاعب وصل إلى مرحلة العدوان عندما يستخدم اللاعب طرق غير مشروعة مثل مخالفة القوانين أو إصابة لاعب زميله أو تمثيل الإصابة وغيرها يعد نوع من الإنجاز ولكن باستخدام طرق عدوانية ويمكن أن نطلق على ذلك الإنجاز العدواني .

 

8- الفوز والهزيمة :أظهرت بعض الدراسات أن اللاعب أو الفريق المهزوم يلجأ إلى العدوان الرياضي بدرجة أكبر من اللاعب أو الفريق الفائز ، وقد ترتبط هذه النتائج بفرضيةالإحباط العدوانيعلى أساس أن اللاعب المهزوم يقاسي من المزيد من الإحباطات بدرجة أكبر من اللاعب والفريق الفائز .

 

9-درجة الاحتكاك البدني :أظهرت بعض الدراسات أن زيادة تكرار الاحتكاك البدني في الأنشطة الرياضية (خاصة لعبة هوكي الجليد وكرة القدم الأمريكية) ينتج عنه المزيد من السلوك العدواني والعنف بين اللاعبين على أساس أن كل احتكاك بدني هو نتيجة إعاقة للاعب المنافس نحو تحقيق هدفه وبالتالي فإن تكرار هذه الإعاقات أو الإحباطات تولد المزيد من السلوك العدواني .

 

10- الحالة التدريبية للاعب :أشارت بعض الدراسات إلى أن اللاعبين الذين يتميزون بحالة تدريبية عالية أي الذين يتميزون بارتفاع مستوى لياقتهم البدنية والمهارية والنفسية يظهرون قدراً قليلاً من السلوك العدواني وعلى العكس من اللاعبين الذين يتميزون بدرجة منخفضة من الحالة التدريبية ذو فورمة رياضية منخفضة ، الذين تكون لديهم احتمالات أكبر لإظهار السلوك العدواني .

 

11- ترتيب الفريق أو اللاعب:

يرتبط ترتيب الفريق أو اللاعب بدرجة ما بالسلوك العدواني إذ قد يبدو أن اللاعب الذي يحتل المؤخرة يظهر قدراً أكبر من السلوك العدواني عن اللاعب أو الفريق الذي يحتل المقدمة .

 

12-المدافعون والمهاجمون :

  أشارت بعض الدراسات التي أجريت على الفرق الجماعية زيادة تكرار السلوك العدواني بين المدافعين بدرجة أكبر من المهاجمين على أساس أن اللاعب المهاجم هو الذي يمتلك زمام المبادرة فإن اللاعب المدافع يحاول إيقافه بشتى الطرق وقد تؤدي هذه المحاولات إلى استخدام السلوك العدواني .

 

13- التعزيز أو التدعيم الإيجابي :

يعتبر التعزيز أو التدعيم أو التشجيع الإيجابي للاعب سواء من الزملاء أو المتفرجين أو الإداريين أو المدربين لكي يسلك بطريقة عدوانية في المنافسة من العوامل التي تؤدي إلى العدوانية في الرياضة ، وقد يتخذ التعزيز أو التدعيم صوراً متعددة مثل الإشارات أو الألفاظ أو الهتافات العدوانية ، كما أن تكرار هذا السلوك العدواني يبدو محتملاً في المنافسات الأخرى .

 

 ومن ناحية أخرى يعتبر سلوك حكام المنافسات أو المباريات من بين أهم أنواع التعزيز (أو التدعيم) للسلوك العدواني في حالة عدم قيام الحكم بمجازاة السلوك العدواني يعتبر من بين أهم العوامل التي تسهم في زيادة احتمال تكرار العدوان ، كما يتيح الفرصة للاعبين الآخرين لتقليد مثل هذا السلوك العدواني ، ومن ناحية أخرى يمكن اعتبار السلوك العدواني قد يدعم ويستثير العدوان لدى الأفراد الآخرين ويشير ناجى داود إسحاق إلى أن هناك بعض الأسباب التي يمكن أن تدفع الفرد إلى السلوك العدواني في المجال الرياضي بالإضافة إلى ما سبق :

 

1-يزداد العدوان في المباريات التي يكون فيها الحكم غير كفء ، وخاصة عندما يعطي قرارات غير عادلة تثير شغب اللاعبين والجماهير .

2-التحيز الشديد لبعض اللاعبين يدفعهم إلى السلوك العدواني .

3-استفزاز الخصم أو الجماهير يثير السلوك العدواني .

4-عدم وجود أخصائي نفسي لكل فريق يعد من الأسباب المباشرة لزيادة السلوك العدواني .

 

 وفي ذلك إشارة إلى أنه يفضل أن يعمم وجود أخصائي نفسي مدرب على درجة عالية لكل فريق رياضي سواء كانت هذه الألعاب فردية أو جماعية ، فوجود الأخصائي النفسي يعمل على تدريب اللاعبين على تنمية الثقة بالله والنفس وإزالة التوتر وزيادة الدافعية لديهم والمملكة مليئة بعلماء النفس القادرين على العطاء وتدريب الأخصائيين وبذل قصارى جهودهم بدون النظر إلى أي مقابل لأننا في هذه الفترة نتجاهل دور الأخصائي النفسي ، وهذا يعد من العوامل الخاطئة التي يجب أن توضع موضع اهتمام ودراسة لتوضح أهمية عمل الأخصائي النفسي في مختلف المجالات مستقبلا .

 

2-العدوانية والقدرة على مكافحتها في الأداء الرياضي

البروفيسيرة الانجليزيةكايتن إل ” , تقول إن الغضب هو سبب العدوان , وأن الغضب ينشأ عندما لا تتحقق أماني الإنسان . ونتائج الغضب أصبحت معروفه وجميعها لا تحمد عقباها . ولكن يمكن إخماد ذاك التعصب والحد من إنتشاره بهذه الكثافه من خلال :

 

1-توفير الحيز الملائم لممارسة الرياضة داخل النوادي أو المدارس أو الملاعب وكذا الوسائل الممكنة كي يتسنى للمارِس تفريغ مكبوتاته وكذا التخلص من الضغوطات النفسية داخل المباره أو اللعبه بصورة منظمة دون إحداث مشكلات تزيد في حدتها.

 

2-إعداد برامج تخص الأنشطة الرياضية للناشئين من طرف مختصين في المدارس تستمد أسسها ومبادئها من العلوم المتصلة بطبيعة نمو المراهق و تهدف إلى خفض السلوك العدواني والتوترات النفسية والاضطرابات المؤثره على السلوك .

 

3-تعيين أخصائيين نفسانيين مدربين على التوجه والإرشاد النفسي يتجه إليهم الطلاب وقت الحاجة .

5- تتبع نمو الطفل في جميع مراحله ومحاولة التأثير على السلوكات العدوانية المكتسبة في مراحل متقدمة مثلا مرحلة ما قبل الدراسة ووضع برنامج رياضي وفقاً للمتغيرات والنتائج .

 

3-طرق علاج العنف الرياضي:

 

1-لا بد من مساعدة الشباب على تأكيد ذاتهم و تشجيعهم على التعبير عن آرائهم من خلال السلوك الحضاري , لحملهم على البعد عن السلوك العنيف .

2-يجب أن يؤدي المهتمون بالتربية والتعليم بشكل عام ومدرسي التربية البدنية بشكل خاص دوراً كبيراً في تغيير الكثير من السلوكيات والتصرفات غير المرغوبة , من خلال تقويم السلوك غير المناسب ومعاقبته , إضافة إلى تنمية الروح الرياضية لدى النشء وتعليمهم الأهداف والقيم الاجتماعية النبيلة للرياضة .

3-يجب على الإعلام أن يكون له دور بارز في إنهاء أو التخفيف من ظاهرة الشغب الرياضية من خلال ما يبثه للجمهور الرياضي .

4- نشر الوعي الرياضي والتحلي بالروح الرياضية بين الجماهير والمتابعين

5-التأكيد على أهمية التحكم والسيطرة على الانفعال الناتج عن الخسارة أو الإنتصار .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الباب الرابع

التربية البدنية واثرها في معالجة العنف لدي المراهقين في المراحل الدراسية المختلفة

 

إن ظاهرة العنف في المدارس ما زالت تطل برأسها بين الطلبة، رغم وجود لوائح وقوانين وضعتها وزارة التربية والتعليم، وبعض الجهات الحكومية المعنية بالعملية التعليمية لضبط سلوكيات الطلبة وللحد من تلك الظاهرة . وحالات العنف بين الطلبة في المدارس من الحالات التي اعتادها بعض الطلبة ويمارسونها على أقرانهم في المدارس أو بين أشقائهم وجيرانهم في المنزل. وتعددت أوجه التنمر والعنف بين لفظي وجسدي، أو معنوي من خلال نظرة مهينة، وهذه السلوكيات نتاج تربية خاطئة لطفل مدلل، أو آخر عاش في أسرة مفككة أو عانى إهمال والديه.

 

وشجع العنف المدرسي غياب لوائح الضبط السلوكي، وابتعاد مضمون العقاب ليصبح الطالب بلا رادع، بما ينعكس على موقف المدرسة، ويضعف شخصية المعلم، وتصبح الأمور ملتبسة وغير محددة المعالم. ولم يعد يقتصر العنف المدرسي على طلبة المراحل الثانوية، بل أصبح منتشراً بين الأطفال في المراحل التأسيسية الأولى.

 

الفصل الأول

هل تعرف المراهق حقاً ؟؟

 

إن المراهق ليس هذا الشاب الذي تلبي له إحتياجاته مهما كانت ومهما بلغت

وأيضا ليس بالطائش الذي تخشى من تصرفاته وتضيق عليه وتغلق بإحكام وحرص شديدين فقط لأنه بعمر المراهقة ..!

عبارات كثيرة تتردد عن المراهق كخشية والديه عليه أو الخوف من أن يتصرف تصرفاً خاطئاً فقط لأنه مراهقاً , أو رفض الجلوس معه والإستماع إليه وعدم احترام مشاعره أو حديثه حتى ولو لم يكن هاماً فقط لأنه مراهقاً ..؟

 

فمن هو المراهق حقاً ولمَ هي فترة الراهقة فترة مهمه لهذا الحد؟

عزيزي القاريء هناك العديد من الأراء والتعاريف حول كلمة مراهقة أو مراهق ولكن هناك مفهوم شائع بين العامة وآخر شائع بين علماء النفس، كما أن علماء النفس قاموا بتقسيم المراهقة إلى عدة أقسام , فمرحلة المراهقة لا تنتهي بين شروق الشمس وغروبها , كما أنه من الواجب على الأهل وضع معايير وقاواعد تدعمهم في مساندة أبنائهم وإحتوائهم في هذه المرحلة العمرية الهامة .المراهقة هي المرحلة التي تنقل الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة الرشد والبلوغ، وتحدث في هذه المرحلة مجموعة من التغيرات الجسدية والنفسية، ويمكن جمل هذه التغيرات بتغيّرات جسمانية ونفسية وعقلية واجتماعية، كما أنّ هذه المرحلة تغيّر الطفلة إلى امرأة والطفل إلى رجل. ومن علماء النفسِ إلى تعريف المرهقه الشائع والذي يرفضه علماء النفس مما له من مؤثرات سلبيه على شخصية المراهق .

 

تعرف على أنها أصعب مرحلة في حياة الفرد حيث يسودها الإحباط والاكتئاب والصداع والتوتر النفسي الشديد، كما يسود هذه المرحلة الأزمات النفسية وصعوبة التوافق بين المراهقين ومن حولهم ، وتعريف المراهقة هذا أوجدته ودعمته أيضاً بعض الدراسات والبحوث الأمريكية التي أجريت على أربعة وخمسين ألف مراهق، تمّ عرضهم على أخصائيين نفسيين، وكانت نتائج العرض تدلّ على أنّهم يعانون من اضطرابات عقلهي عدا قلّة قليلة منهم لا تتجاوز الثلاثة بالمئة، ومن ثمّ انتشر هذا المفهوم بشكلٍ كبيرْ بين الناس والأساتذه .

 

1- تعريف المراهق ومرحلة المراهقة المبكرة:

ترجع كلمةالمراهقةإلى الفعل العربيراهقالذي يعني الاقتراب من الشيء، فراهق الغلام فهو مراهق، أي: قارب الاحتلام، ورهقت الشيء رهقاً، أي: قربت منه. والمعنى هنا يشير إلى الاقتراب من النضج والرشد.

 

فعرفها بعض العلماء على أنها مصطلح وصفي للفترة التي يكون فيها الفرد غير ناضج انفعاليا وذا خبرة محدودة ويقترب من نهاية نموه البدني والعقلي .

 

وعرفها العالم هوروكس على أنها:” الفترة التي يكسر فيها المراهق شرنقة الطفولة ليخرج إلى العالم الخارجي و يبدأ في التعامل معه والاندماج فيه ” .

 

ويعرفها العالم هول ستانلي على أنها الفترة من العمر التي تتميز فيها التصرفات السلوكية للفرد بالعواطف والانفعالات الحادة والتوترات العنيف .

 

و في علم النفس تعني: “الاقتراب من النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي، ولكنه ليس النضج نفسه؛ لأن الفرد في هذه المرحلة يبدأ بالنضج العقلي والجسمي والنفسي والاجتماعي، ولكنه لا يصل إلى اكتمال النضج إلا بعد سنوات عديدة قد تصل إلى 10 سنوات.

 

ويجب التفرقه بين المراهقة والبلوغ، فالبلوغ يعنيبلوغ المراهق القدرة على الإنسال، والتكاثرأياكتمال الوظائف الجنسية عنده، وذلك بنمو الغدد الجنسية، وقدرتها على أداء وظيفتها، أما المراهقة فتشير إلىالتدرج نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والاجتماعي“. ولذا  فإن البلوغ ما هو إلا جانب واحد من جوانب المراهقة، كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها، ويشير العلماء أن أول دلائل دخول الطفل مرحلة المراهقه هي البلوغ .

 

 إن العمر الطبيعي للمراهقة من الخامسة عشر إلى عمر الواحدِ والعشرون، أي تستمر فترة المراهقه من خمس إلى ست سنوات ونادراً ما تصل لسبع سنوات، أما المراهقة المبكرة فتبدأ من عمر الثانية عشر الى الرابعة عشر في الدول ذات الطقس الطبيعي او العادي، وفي دول درجات الحراره المرتفعه ينضج الشخص وتبدأ مرحلة المراهقة لديه من سن الثامنه للطفلة و التاسعه للطفل , وأيضا تصاحب هذه المرحلة تغيرات نفسية وجسدية وهذا يعني أن الطفل دخل في هذه المرحلة مبكراً.

 

وفي هذا العمر يتذبذب المراهق ويتشوش نتيجة التغيرات البيولوجية والنفسية التي تمر به فأحياناً يريد مِن مَن حوله أن يعاملوه كراشد وأحياناص أخرى يرد تدليله والإهتمام به , ولهذا فإن هذه المرحلة أيضاً صعبه ومربكه للوالدين .

ويشعر المراهق في هذه الفتره بضعف الثقة بسبب التغيرات الطارئه على جسده ومظهره ويزداد شعوره بأن الجميع ينظر عليه ويصعب على الأهل إقناعه بغير ذلك . كما إنه يريد الحرية المطلقه في بعض الأمور بالإضافه الى رفضه جميع الممعتقدات والأفكار التي يطرحها عليه الأهل أثناء مناقشة موضوعية , كما إن الطفل في مرحلة المراهقة المبكرة يشعر بالإحراج حال جلوسه مع أهله في مكان واحد , ويبدوا أكثر عصبية وتوتراً ورفضاً للأشياء .

 

2- مميزات النمو في مرحلة المراهقة وحاجات المراهق:

تنقسم مميزات النمو في هذه المرحلة إلى عدة أقسام أهمها :

 

1-التغيرات الفيزيولوجية :

إن هذه المرحلة تتميز بزيادة إنتاج عدة هرمونات، والتي يكون لها تأثير كبير من الناحية الفيزيولوجية مما يؤدي إلى ظهور الفروق الواضحة بين الجنسين من الناحية البدنية، المرفولوجية، البيو كيميائية، التشريحية “مثل القوة، السرعة،الحمولة، التأقلم”.

 

ومن أهم هذه الهرمونات نجد التستوستيرون، الأندروستينوديون، ديدروبيوندروستيرون وهي ناتجة عن الغدد الصماء في الجسم، كما تطرأ على جسم الذكر والأنثى بعض التغيرات الفيزيولوجية الأخرى تكون فروق واضحة المظهر .

 

2- النمو المرفولوجي :

و يتم فيها ملاحظة زيادة في الطول كما يلاحظ زيادة في الوزن , وإن أكثر ما يميز هذه المرحلة الاضطراب الطولي في نمو الأطراف والذي قد يعطي عدم رضاءً عند الشباب، مع تباطؤ في النمو الطولي للجذع هذا بالإضافة إلى نمو كبير في حجم العضلات , كما نلاحظ زيادة عرضة الجسم من ناحية الأكتاف، والحوض عند البنات وهو الذي يعين شكل الجسم في مرحلة المراهقه .

 

3-النمو الحركي:

بسبب طفرة النمو الجسمي واختلاف أبعاد الجسم نظرا للنمو السريع غير المنتظم نجد أن المراهق في هذه المرحلة لا يستطيع السيطرة على الأعضاء وكذا التحكم في الحركات كما نلاحظ ضعف التوافق العضلي العصبي والارتباك والتصلب،وبذل الجهد الزائد عند أداء الحركات، كما نجد المراهق في مرحلة البلوغ يتعلم الحركات الجديدة بصورة بطيئة وبصعوبة.

 

4-النمو الإنفعالي :

ترتبط الانفعالات ارتباطا وثيقا بالعالم الخارجي المحيط بالفرد، عبر مثيراتها واستجاباتها وبالعالم العضوي الداخلي عبر شعورها الوجداني وتغيراتها الفيزيولوجية والكيميائية .

 

ومن أهم تلك المظاهر الإنفعالية للمراهق في هذه المرحلة :

 أالغضب:

ويكون عندما يشعر بما يعوق نشاطه ويحول بينه وبين غاياته .

بالقلق:

أهم أسبابه في هذه المرحلة هي التغيرات التي تحدث على المستوى الجسدي وكذلك معاملة الوالدين له على أنه لا يزال صغيرا، وبالتالي فهم لا يأخذون برأيه ولا يحترمون رغباته، كل هذا يتحول إلى شعور المراهق بالإهمال والتهميش من قبل والديه وحتى المجتمع .

جالعدوانية:

تعد المراهقة من العوامل المساعدة على الزيادة في درجة العدوانية التي هي تلك النزاعات التي تتجسد في تصرفات حقيقية أو وهمية، ترمي إلى الأذى بالأخر وتميز بإكراهه وإذلاله .

5-النمو النفسي :

إن التغيرات الفيزيولوجية، والجسدية، وإعادة تهيئة النظم الدماغية الجديدة، يعمل على زيادة النزوات،وردود الأفعال النفسية، والتي تكون كما يلي:

 

*اضطرابات نفسية عديدة بسبب توديع مرحلة الطفولة .

*الإحساس بالهوية الجنسية “ذكر، أنثىوالتي لم يتنبه إليها في مرحلة الطفولة .

بالنسبة للأخصائيين والنفسانيين، فإن سير النمو في مرحلة المراهقة يكونمرتبطة بالعلاقة أو الصورة التي ينشئها المراهق مع ( التغيرات) ويتم التعبير عن ذلك من خلال أحاسيس الخجل ، الحب، الكراهية، الاستمتاع، أو الغضب من هذا الجسد الناضج جنسيا أو من حالة أجساد الآخرين.

 

انشغالات المراهق تكون موجهة باتجاه التخيلات , حب الاستطلاع لمجريات الأمور مع بعض التخوف والقلق , النمو السريع في التفكير المجرد , و عدم تقبل سيطرة الكبار.

 

6-النمو الاجتماعي:

إن الحياة الاجتماعية في المراهقة تكون أكثر اتساعا وتمايزا من حياة الطفولة في إطار الأسرة، أوالمدرسة، لأن المراهقة هي الدعامة الأساسية للحياة الإنسانية، في سيرها واكتمال نضجها، وهمزة وصل للإرتقاء بالمراهق من عالم الطفولة إلى سن الرشد، ومن أهم مظاهرها الرغبة في إثبات الذات وزيادة الإهتمامات البدنية والثقافية والفنية، كما يلاحظ الآباء فجأة حالة من التمرد والعصيان ورفض النصائح والتشبث بالأفكار، ورغبة شديدة في تغيير معاملة الإباء لهم وهذا ما يزيد من حدة الصراع بينهم.

 

7-النمو العقلي :

تتميز هذه المرحلة من حياة الطفل بتزايد ملحوظ في الذكاء، خاصة إذا استغل واستُثمِر من قبل الوالدين في ظل التغيرات السريعة التي تحدث في هذا الزمن، وتسارع الإنفتاح التكنولوجي، أصبحت التربية تفقد تلك السهولة والبساطة التي كانت عليها في السابق، فأصبح العقوق أسهل من ضغة زر في الأجهزة المحمولة، ولعل الآباء سبب من أسباب عقوقهم أنفسهم، حين اعتقدوا أن تربية الأبناء قواعد لا تتغير، ولم يلقوا بالاً لتلك الحكمة العظيمة التي نطقها علي بن أبي طالب حين قال: «ربوا أبناءكم لزمنٍ غير زمانكم».

 

3-تأثير القلق والإحباط على المراهق:

ينشأ  القلق عند المراهق من تغيرات بيوكيميائية في الدماغ،وكذلك من الوراثة ومن  التركيبة النفسية ككلٍ للشخص ويظهر تأثيره على هذا المراهق في هيئة أعراض نفسية وجسمانية وتشمل المخاوف غير الحقيقية والتهيؤات وذكريات تفرض نفسها على شكل صور مرئية تظهر وتختفي بسرعة للتجارب الصعبة في حياة المراهق ، وكذلك حدوث بعض الوساوس المرتبطة بالنظافة مثل التكرار الدائم لتصرفات تعتبر طقوسا أكثر منها تصرفات معقولة مثل تكرار غسل الأيدي و النوم وسرعة ضربات القلب وكأن الشخص في سباق .

 

الفصل الثاني

التربية الرياضية ودورها في الحد من العنف المدرسي

 

للتربية الرياضة أثر عظيم في الحد من العنف المدرسي وكبح الطاقه السلبية وعدم التفكير إظهار القوى وإستعراض السيطره على أقران الشخص ومن هم في نفس عمره.

 

فقضاء الوقت المناسب في ممارسة الرياضه يجعل التهيؤات والتخيلات الغير حقيقة بالمره لهباءً ليس له أدنى قيمه . فضلاً عن تغذية الجسد والقوة البدنية بالرياضة إلا أن العقل السليم في الجسم السليم , والوعي والإدراك والنضج يأتي بنسبة كبيره من خلال ممارسة التدريبات الرياضيه المختلفه .

وللتربية دوراً هاماً في الحد والتقليل من ظاهرة العنف المدرسي والتي انتشرت في الآونه الأخيره ليس فقط في مرحلة الثانوية بل في مراحل التعليم الأولى والأساسية.

 

فربما يضرب الطالب معلمه , جَميعُ هذه الأمور ظهرت بسبب قلّةِ الوعي الأسري منَ الناحية التربويّة وأيضاً عَدم وضعِ نشاطات رياضيّة مٌناسبة للطالب لكي يستمتع بها ويفرّغ طاقتهِ من خلال ممارسةِ الهواية التي يرغبها، وبناءُ الهوايات وتحقيق حياة سَعيدة وجيّدة للطالب هيَ التي تجعلهُ عنصُر خيّر فِي المجتمع وفعّال.

 

1-دور التربية البدنية في الحد من القلق لدى المراهق:

تلعب التربية البدنيه دوراً هاماً في حياة المراهق فمن خلال الممارسة الرياضية تتعزز القيمه البدنيه والجوانب النفسيه والقدرة العقلية لدى الشخص . وتقلل من نوبات القلق التي تداهم عقله وتغير وتيرة حياته و تُعطي الفرصة للطالب للانخراطِ بالآخرين وإيجاد أوقاتِ استمتاعِ مَعهم، وهذا الأمر يساعدُ على انخراطِ الطلاب فِيما بينهم عند أداءِ لعبة جماعيّة، وهذا الأمر يساهم فِي الحياة الاجتماعيّة للطالب في المراحل المقبلة.

 

عن أنشطة التربية البدنية والرياضية من الجانب الترويحي فإننا نجدها تساهم بدرجة ملحوظة في تفريغ الانفعالات المكبوتة لدى المراهق وتعمل على تخفيف درجات القلق من خلال منح الفرد السعادة والسرور والرضا النفسي وكلها عوامل تزيد من قدرة الفرد على التكيف في حياته مع المجتمع .

 

أما إذا تكلمنا على اللعب باعتباره العنصر أو المركب الحيوي الأول في أنشطة التربية البدنية فإن للعب دور هام في التقليل من المشكلات الإنفعالية كالقلق والتوتر في حين أن للتربية البدنيه في تحقيق التوافق الإنفعالي لدى المراهقين بينما يساعد  استخدام المراهق للألعاب على أن يتعامل مع الأدوات والألعاب على المستوى اللاشعوري ليرتاح من التوتر والقلق المصاحب .

 

2-دور الرياضة في التخلص من التوتر النفسي:

في وقت ما .. يعاني الشخص من توتراً نفسياً قد يؤثر بطريقة أو أخرى على حياة الإنسان بالسلب وجعل المشكلات الحياتيه تتراكم لصعوبة حلِها في هذا الوقت وعدم الإستطاعه للبحث عن حلول وإيجاد مخرج من أزمةٍ ما , وينتج التوتر النفسي عن هرمون اسمهإيبينيفرين” ( إدرينالين ) ، يتم إفرازه في الدم ، و يؤدي إلى تسارع ضربات القلب و ارتفاع ضغط الدم , ويكون ذلك عقب الإقبال على شيء يستحق الخوف أو محاولة تنفيذ أمر تراه يفوق إمكانياتك .

ولهذا فإن للرياضةِ أيضاً دوراً هاما في هذا الجانب للحد من التوتر النفسي والشد العصبي ولقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الحالة النفسية الإيجابية التي تعقب الأنشطة الرياضية تحدث نتيجة أن التمارين الرياضيه تساعد على افراز هرمون الاندروفين المشابه لمادة المورفين والذي يؤدي افرازه الى الشعور بالراحة والساعدة والتخلِ عن التوتر والقلق، كما تؤدي الرياضة الى تجديد النشاط الذهني لممارسي الرياضة وذلك عن طريق تحسين الدورة الدموية ووصول الدم بكميات كافية الى المخ.

 

3-اهتمام المملكة بالتربية البدنية والرياضية:

 تطورت الأنشطة الرياضية في المملكة العربية تطوراً كبيراً منذ أن دخلت البلاد لأول مرة عام 1345ه، ونالت الأنشطة الرياضية دعماً مباشراً من حكومات المملكة المتعاقبة منذ ذلك الحين لتحقق المملكة الكثير من الإنجازات في عدة ألعاب وليس في لعبة بعينها، جاء ذلك بعد إنشاء إدارة الشئون الرياضية بوزارة الداخلية في عهد الملك عبد العزيز –رحمه الله- عام 1372ه ، وهو العام الذي بدأت فيه مرحلة التنظيمات الرسمية والإشراف الحكومي على النشاط الرياضي.

 

كما كان الملك عبد العزيز نفسه من محبي الرياضة ومن ممارسيها، إذ مارس الفروسية والرماية ، وركوب الخيل في ريعان شبابه، ولازال هذا الإهتمام ينتقل من جيل لجيل حتى عصرنا الحالي، إذ انشأت النوادي والملاعب والفرق الرياضية في مختلف الألعاب، ودخلت السعودية لمجال الألعاب الأوليمبية، فكانت أول مشاركة لها عام 1972م، ومنذ ذلك الحين شاركت في ثمان ألعاب أوليمبية صيفية ولم تشارك في الألعاب الأوليمية الشتوية قط، فضلاً عن فوزها بفضية وبرونزيتين.

 

ولا شك أن المملكة أولت إهتماماً بالغاً للأنشطة الرياضية في المدارس والجامعات، خاصةً بعد أن أصبحت إدارة رعاية الشباب إدارة تابعة لوزارة المعارف في عام 1380هـ كجهة مسؤولة عن نشاطات الشباب في القطاعين الأهلي والمدرسي. وحدثت نقلة نوعية لرعاية الشباب عندما صدر قرار مجلس الوزراء عام 1394ه بأن تصبح رعاية الشباب جهازاً مستقلاً بإسم “الرئاسة العامة لرعاية الشباب” برئاسة خادم الحرمين الشريفين، ومنذ ذلك الوقت أصبحت رئاسة رعاية الشباب هي الجهة المسئولة عن رسم السياسة الكاملة لاستثمار أوقات الفراغ لدى الشباب بصورة تنمي مواهبهم وتقوي عقولهم وأجسامهم وتهذب نفوسهم.

 

وقد أقرت المملكة تدريس مادة التربية البدنية عام 1374هـ وحينها كانت الإدارة العامة لرعاية الشباب في الوزارة تشرف علي تدريسها وهي الإدارة التي تعنى بجميع احتياجات ومسئوليات تدريس هذه المادة من كافة النواحي مادياً وتعليمياً ومنهجياً ومن ناحية اختيار المعلمين و الأنشطة والأدوات والأجهزة، وبهذا يختلف اسمها ووظيفتها عن مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

 

  أصدرت الجمعية الوطنية للتربية البدنية في المملكة عام 1998م وثيقة وتوجيهات جاء فيها:

ضرورة أن يتلقى التلاميذ في المرحلة الابتدائية دروساً في التربية بما لا يقل عن 150 دقيقة في الأسبوع وأن يتلقى الطلاب في المرحلتين المتوسطة والثانوية دروساً في التربية البدنية بما لا يقل عن 225 دقيقة في الأسبوع كما جاء في التوصيات ضرورة عدم استبدال صفوف التربية البدنية بأي أنشطة أو دروس أخرى.

 

فضلاً عن التوصيات والوثائق الصادرة من الجمعيات العلمية والمهنية ومن الهيئات الوطنية والدولية المتخصصة ومنها منظمة الصحة العالمية والأكاديمية الأمريكية لطب الأسرة والأكاديمية الأمريكية لـطب الأطفال والكلية الأمريكية للطب الرياضي والاتحاد الأوربي للتربية البدنية وغيرهم كثير إذ تنادي جميع هذه الجهات بأن ينال التلاميذ ما لا يقل عن حصة دراسية واحدة من دروس التربية البدنية في اليوم الدراسي وعلى أن يتم الاهتمام بلياقة التلاميذ البدنية ذات الارتباط بالصحة.

 

لكن الفعل والتطبيق يختلف عن التوجيهات والوثائق والتوصيات، إذ فُرغت مادة التربية البدينة من مضمونها فنلاحظ أنها تحولت داخل مدارسنا إلى مادة بلا محتوى إلا اللعب خلالها، وغالباً ما يكون اللعب هو كرة القدم كونها الرياضة الشعبية في المملكة، كما أن المدارس ومديريها لا يولون لها اهتماماً خاصاً، ولا يتم ربطها بمناهج تعليمية أو صحية كما يحدث في الدول الغربية، فضلاً عن التقليل من أهميتها بإحالتها لغير المتخصيين واحياناً المطالبة بإلغائها، مما أخرج أجيالاً لا تعي أهمية الرياضة ولا تحبذ ممارستها إلا في إطار المشاهدة والتشجيع.

 

التربية البدنية بلا شك تعني النشاط والحركة، ولكن يجب معرفة لماذا وكيف يتم ذلك؟

 

فإذا تحرك الطالب – طفلاً أو شاباً- أثناء ممارسة الرياضة فذلك يحقق الكفاءة الفسيولوجية أو العضوية والتي تتضمن كفاءة الدورة الدموية، كما أن استمرار النشاط لمدة طويلة يطور القدرات الجسمانية والعضلية والميكانيكية، ويحقق التوازن النفسي لديه وقدرته في التعرف على كيفية التخلص من الضغوط النفسية وكيفية يطور من مثابرته وبذله للجهد لتحقيق النجاح، المتمثل هنا في النجاح الرياضي، كما يتعلم الطالب ضمن فريقه الرياضي كيفية التعامل مع الآخرين والقيادة والتعامل معها وأولياتها في الفريق وكيفية احترام الزملاء واختلاف الآراء، كما يتعلم أهمية التنافس الشريف المبني علي الجهد مع زملائه في الفريق وضد منافسيه في الفريق الآخر وكيف يطور ثقته بنفسه في الفريق والمجتمع، وللأسف كل هذا غالباً لا يحدث في مدارسنا إلا في نطاق ضيق جداً جداً.

 

والتربية البدنية ليست هامة للفرد فقط لكنها من الأهمية بمكان للمجتمع وللوطن أيضاً، ليس فقط من خلال رفع علم البلاد في المحافل الرياضية العالمية، لكن أيضاً من خلال استغلالها لغرس مفاهيم ومبادئ هامة في نفوس الشباب عماد مستقبلنا. إذ أن تعلم كيفية احترام الآخر وكيفية الحفاظ على البيئة واحترام النظم أسهل وأجدى نفعاً إن تم من خلال الرياضة بدلاً من الرسائل الإعلامية التي لا يُلقى لها بالاً، وتعليم الإنسان عامة والنشء الشاب خاصة كيفية قضاء أوقاتهم وتصريف طاقاتهم الجسدية والذهنية في المجال الرياضي أنجع وأجدى لهم وللوطن من تركهم يعيشون في فراغ يدفعهم إلى البحث عن مجالات غير أخلاقية وغير قانونية لشغل وقت فراغهم.

 

لذا ومن خلال ما ذكرته آنفاً وما سأذكره تالياً عن أثر الرياضة والتربية البدنية في سلوكيات الفرد والأمة يجب أن نوليها أهتماماً أكثر من ذلك ولهذا أقترح:

 

1- وضع مناهج وأهداف واضحة لمادة التربية البدنية بدءاً من كتب خاصة بها للمعلمين والطلبة على حد سواء وانتهاءاً بتوضيح الرياضات المناسبة لكل مرحلة عمرية ونماذج لتطبيق هذه الرياضيات.

2- عمل دورات تدريبية مستمرة لمعلمي التربية البدينة بمفهومها التربوي والصحي والاجتماعي والوطني وأثرها بعيد المدى على كل هذه الجوانب وليس فقط دورات للتدريب على رياضة معينة أو للتحكيم في لعبة ما.

 

3- وضع منهج متميز للفتيات لدراسة التربية البدنية لأثرها النفسي والصحي الإيجابي عليهن، وبالتالى إنشاء جيل محب للرياضة محافظاً عليها قوى العقل والبنية، فضلاً عن تجنيبهن مخاطر صحية كبرى تنشأ عن قلة الحركة والوعي البدني في المستقبل. مع التأكيد أن يتم ذلك دون الإخلال بمبادئ الدين الحنيف وأن تتم ضمن الأطر الشرعية المتعارف عليها.

 

4- وضع أهداف أخلاقية ودينية واجتماعية لتعليمها للطلبة من خلال الرياضة، وتحديد الطلبة المشاغبين وترويضهم في بيئة صحية كل حسب ما يناسبهم، وعمل برنامج رياضي يهدف لتعليمهم أسس التسامح والتواضع والتعاون، وتحويل طاقتهم السلبية لإيجابية بشكل يحقق الإفادة على المستوى الشخصي والوطني.

الفصل الثالث

أثر الرياضة على الطلبة

تمثل الأنشطة الرياضية عنصراً أساسياً في تكوين الفرد وتنمية قدراته على كافة الأصعدة البدنية والصحية والفكرية والأخلاقية، كما تساهم في بناء المجتمع والربط بين أفراده وفي التقريب بين الشعوب وتدعيم تضامنها، إذ تطور نشاط الإنسان عبر العصور وبرزت الرياضة كمظهر من مظاهر تقدم المجتمع و ميزة من ميزات الحضارة، كما يدل الاهتمام بدور التربية البدنية في المدارس على الاقتناع بدور النشاط البدني والرياضي في نمو التلاميذ وعلى البحث عن الاستفادة منه في تحسين الصحة والمردود الدراسي وفي التكيف الاجتماعي وترسيخ القيم النبيلة لدى الأجيال الناشئة.

 

1-تعديل السلوك  المدرسي للطلاب:

تشير دراسة حديثة تناولت الأثر الإيجابي للتمارين الرياضية على التلاميذ إلى أن ممارسة الرياضة تحسن سلوكهم وتقود إلى الابتعاد عن الشغف في الصف المدرسي، خاصة أن غالبية الأطفال في المرحلة الإبتدائية يميلون إلى عدم الالتزام بالقوانين المدرسية والنظم العامة وإن كانت في منازلهم.

يعمل تكثيف النشاط الحركي لدى التلاميذ على تحسين نتائج الطلاب الدراسية، إذ كشفت دراسة سويدية أن تعزيز مستويات التربية البدنية لدى الطلاب يساعد في تحسين نتائجهم الدراسية من خلال  دراسة أجريت على أكثر من 200 طالب على مدى تسع سنوات، وخضعت مجموعة منهم لدروس تربية بدنية 5 أيام في الأسبوع، بالإضافة إلى تمارين إضافية في التوازن والتنسيق، وخضعت المجموعة الأخرى لمستويات عادية من التربية البدنية ، حيث أن الدراسة 96 في المئة من طلاب المجموعة الأولى أحرزوا نتائج جعلتهم مؤهلين للانتقال إلى المرحلة الثانوية العامة، بالمقارنة مع 89 في المئة من طلاب المجموعة الأخرى، وقالت معدة الدراسة انغريد أريكسون من جامعة مالمو السويدية إنّ التربية البدنية اليومية والمهارات الحركية المكيفة لا تحسن مهارات الطلاب الحركية فحسب، بل تحسن نتائجهم الدراسية أيضًا.

من جهة أخرى، أشارت دراسة كندية قام بها باحثون من جامعة كوينز في أونتاريو بكندا إلى أن ممارسة الرياضة لمدة لا تزيد على 4 دقائق كافية لتقويم سلوك الطلبة في الصفوف، إذ أوضحت الدراسة أن بضع دقائق قليلة من ممارسة التمرينات الرياضية بجدية تحسن من سلوك الطلبة داخل الصفوف، مثل التململ وعدم الانتباه والتركيز وكثرة التحدث مع الزملاء، خاصة للأطفال في المرحلة الابتدائية.

 

2-تكوين شخصية الأفراد وتعزيز القيم النبيلة:

تنهض ممارسة الرياضة بأدوار إيجابية في حياة التلاميذ،كتحقيق وظائف الأنسجة والوقاية من أمراض عديدة قد تنتج عن اختلال تمثيل المواد السكرية داخل الجسم مثل السمنة المفرطة ومرض السكري وارتفاع ضغط الدم إلى جانب الفوائد المرتقبة على صعيد تنمية القدرات الذهنية والعقلية، كما تسهم في تكوين شخصيتهم وتربيتهم على اكتساب المعارف والمهارات والكفايات الرياضية، كما تعلمهم العادات الصحية والوقائية وترسيخها قصد تحقيق التوازن النفسي والوجداني بما يجنبهم آفة الانحراف والتطرف ويساعدهم على الدراسة والتحصيل، لذلك نجد أن الميثاق الدولي للتربية البدنية والرياضة الصادر عن المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) 1978م نص على أن ممارسة التربية البدنية حق أساسي للجميع وأنها تشكل عنصرًا أساسيًا من عناصر التربية المستدامة في إطار النظام التعليمي الشامل وينبغي أن تلبي برامج التربية البدنية احتياجات الأفراد والمجتمع وأن يضمن توفرها كجزء متكامل من العملية التعليمية، وهنا لا تقتصر فوائد الرياضة على تحفيز طفلك على النشاط والديناميكية وتنمية عظامه وعضلاته، بل تمتد لدفعه إلى تعلّم كيفية تحديد الهدف والمبادرة والالتزام والعمل الجماعي، بالإضافة إلى قدرته على تحديد اهتماماته.

 

3- تعزيز السلم الاجتماعي:

تمثل ممارسة الرياضة أداة لتعزيز السلام داخل المجتمع، إذ تقوم بطبيعتها على المشاركة والاندماج وتلقن مبادئ التسامح واحترام الآخرين، وبذلك يمكن أن تسهل حل المشكلات في أوضاع ما بعد النزاعات، كما أنها أداة مؤثرة في تدعيم الشبكات الاجتماعية وتعزيز السلام والعدل، يضاف إلى ذلك كونها من أهم عناصر التنمية البشرية المستدامة لتحقيق الأهداف الإنمائية.

تضع العديد من المنظمات أهدافها لتحقيق السلام عبر الرياضة، إذ تعتمد قواعد رياضية كوسيلة تثقيفية تستخدم لتشجيع روح الولاء الوطني التي تعتبر ضرورية لتحفيز جيل المستقبل الذي يعاني من عدم الاستقرار وعدم وضوح الأهداف تجاه مستقبله الاجتماعي والاقتصادي، كما تعمل على زيادة التوعية لدى أصحاب القرار السياسي والتعليمي حول القدرة الكامنة للرياضة على تمهيد الطريق نحو السلام، فضلاً عن تشجيع المنظمات الرياضية الدولية على المساهمة بشكلٍ فعال في تحقيق السلام.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدراسة التطبيقية

 

تحليل لأثر محاضرات التربية البدنية على طلبة المرحلة المتوسطة عن طريق إستبيان إلكتروني

 

مقدمة

تتنامى رغبة الشباب في تفريغ طاقتهم، وملء وقت فراغهم بالرياضة وتكوين صداقات من خلالها، وتنمية أجسادهم وعقولهم، فإن لم يجدوا ذلك انصرفوا لشيئ آخر فمنهم من يتجه للعنف ولإيذاء أنفسهم والغير، والآخرون يتجهون لأشياء أخرى منها الدراسة، الإهتمام بالجنس الآخر، أو مواقع التواصل الإجتماعي و”قتل الوقت” فيما لا يفيد.

 

استخدمت في هذه الدراسة طريقة الإستبيان الإلكتروني لطلبة في المرحلة المتوسطة من عدة مناطق، وحللت البيانات لاثبات نتائج كتابي هذا، فيما استرشدت بأجزاء معينة من 4 دراسات قام بها طلاب لنيل درجة الماجستير، كل في موضوعه، لإثبات عدة اشكاليات رقمياً، وعند ربط هذه النتائج ببعضها بعضاً، توصلت لنتيجة واحدة وهي كيف تؤثر الرياضة على الحد من درجة العنف في البيئة الدراسية، وما يلزمنا لتطبيق ذلك.

 

الإشكالية:

1-هل يؤثر صف التربية البدنية على تقليل السلوك العدواني بين تلاميذ المرحلة المتوسطة؟

2-هل يساهم صف التربية البدنية في توطيد العلاقة بين الزملاء بعضهم البعض؟

3- هل يجعل صف التربية البدنية من الشخص العنيف شخصاً متاسمحاً ذو روح رياضية؟

 

الفرضيات:

1- الفرضية العامة: لصف التربية البدنية دور واضح في تقليل سلوكيات العنف المدرسي لدى طلبة المرحلة المتوسطة.

 

2- الفرضيات الجزئية:

1-يساهم صف التربية البدنية بشكل ملحوظ في تقليل السلوك العدواني بين تلاميذ المرحلة المتوسطة.

2- يساهم صف التربية البدنية في توطيد علاقة الطلبة ببعضهم البعض.

3- يجعل صف التربية البدنية الشخص العنيف التسامح وكيفية السيطرة على السلوكيات العنيفة.

 

هدف الإستبيان:

1- معرفة مدى تأثير صف التربية البدنية في بناء شخصية متوازنة وسوية لتلاميذ المرحلة المتوسطة.

2-إبراز الأهمية الكبيرة لصف التربية البدنية ودوره في تقليل العنف داخل المدارس المتوسطة.

3-لفت انتباه الدارسين للقيام بالبحث حول التأثيرات النفسية لصف التربية البدنية.

 

الدراسات السابقة:

لأن كل بحث علمي عبارة عن حلقة متصلة بمجالات كثيرة، وبما أن الدراسات السابقة تعتبر مرجعاً نظرياً يمكن الإستعانه به لفهم كافة الجوانب المحيطة بالظاهرة التي نكتب عنها. وحسب إطلاعي وما توافر لدي فهناك بعض الدراسات السابقة وثيقة الصلة بموضوعنا، ومنها:

 

1- دراسة بعنوان اتجاهات معلمي التربية البدنية نحو المهنة في الرياض للطالب فهد سعيد بن سعيدان عام 1425ه – 2004م والتي هدفت إلى التعرف على اتجاهات معلمي التربية البدنية نحو المهنة في مدينة الرياض، وتحديد مدى اختلاف اتجاهاتهم وفقاً لعدة متغيرات شملتها الدراسة منها (مرحلة التعليم التي يدرسون فيها، والمؤهل الدراسي للمعلمين، والعمر والخبرة، والحالة الإجتماعية، ونوع مبنى المدرسة، والحصول على دورات تدريبية في مجال المهنة، وممارسة أحد الأنشطة الرياضية، والعمل في أي مجال “تدريب، أم تحكيم، أم إشراف، أم إدارة”.

وكان قوام عينة البحث 393 معلماً تم اختيارهم بطريقة عشوائية، وخلصت الدراسة إلى أن اتجاهـات معلمي التربية البدنية نحو المهنة في مدينة الرياض اتسمت بالإيجابية بدرجة فوق المتوسط، بالأضافة لوجود اختلاف في اتجاهاتهم نحو المهنة بشكل عام وفقاً للمتغيرات التالية:

الخبـرة، الحالة الاجتماعية، المرحلة التعليمية، الحصول على دورات تدريبية في مجال المهنة، الممارسة لأحد الأنشطة الرياضية، العمل في مجال التدريب، العمل في مجال التحكيم، العمل في الإشراف أو الإدارة، كما أوضحت عدم وجود اختلاف في اتجاهاتهم نحو المهنة بشكل عام وفقاً للمؤهل الدراسي والعمر ونوع مبنى المدرسة “مستأجر أم حكومي.

 

2- دراسة بعنوان دور المرشد الطلابي في الحد من العنف المدرسي من وجهة نظر المرشدين الطلابيين تطبيقاً على منطقة عسير التعليمية، للطالب عامر بن شايع بن محمد البشري عام 1425ه -2004 م، إذ هدف البحث الكشف عن دور المرشد الطلابي حيال العنف المدرسي، والوقوف على مظاهر العنف المدرسي بالمدارس ومعرفة أسبابه ودور البيئة المدرسية في العنف المدرسي من وجهة نظر المرشد الطلابي، وما هو دوره في الحد من مستوى العنف مقارنة بمستوى العنف السائد في المدرسة، وقد خلصت الدراسة إلى أن أكثر أشكال العنف السائد في المدارس هو التعصب لنادٍ أو فريق، يليه الكتابة على الجدران، ثم مضايقة الآخرين سواء داخل المدرسة أم خارجها، فضلاً عن دور الإداريين والمعلمين في التعاون لجعل البيئة المدرسية خالية من العنف.

 

3- دراسة بعنوان تأثير الإمكانات والأنشطة الرياضية على اتجاهات طلاب جامعة طيبة، للطالب سمير بن محمد خليل سيد عام 1430ه- 2009م، وهدفت الدراسة إلى معرفة تأثير الإمكانات والأنشطة الرياضية على اتجاهات طلاب جامعة طيبة، وشملت عينة الدراسة (295) طالباً، تم اختيارهم بالطريقة العشوائية الطبقية، وكانت أهم النتائج التي توصلت لها الدراسة هي أن مرافق المنشآت الرياضية بالجامعة مهملة، ولا يوجد مشرف لكل نشاط رياضي بالجامعة، يرغب الطلاب في ممارسة الأنشطة الرياضية مع أصدقائهم لعدم توفر أماكن ممارسة الأنشطة الرياضية، لا توجد لياقة بدنية مرتبطة بالصحة لعدم ممارسة الأنشطة الرياضية بالجامعة، جداول تنظيم الأنشطة الرياضية تعيق مشاركة الطلاب فيها، يأمل الطلاب توثيق العلاقات بينهم وبين أعضاء هيئة التدريس ولا يتم ذلك إلا من خلال ممارسة الأنشطة الرياضية.

 

اجراءات الدراسة الميدانية:

1- مجتمع وعينة البحث: مجتمع البحث هو تلاميذ السنة الرابعة متوسط الممارسين لصف التربية البدنية وعددهم 300 طالب من مختلف متوسطات منطقة عسير، أما عينة البحث فهي مقصودة ومكونة من 100 طالب موزعين على 6 متوسطات في المنطقة.

المجال المكاني: تم اجراء الاستبيان على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك عبر رسائل خاصة للمشاركين.

 

الأدوات المستعملة: استمارة استبيان.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الأول:

 هل يقع بينك وبين بعض التلاميذ في المدرسة اشتباكات ومشاحنات بالأيدي؟

الغرض من السؤال:

معرفة هل هناك اشتباكات ومشاحنات بالأيدي بين التلاميذ داخل المدرسة.

 

النسبة المئويةالتكرارالفئات
 

53%

 

53

 

نعم

47%47لا
100%100المجموع

 

جدول رقم (1) : يمثل نسبة التلاميذ الذين يقومون بمشاحنات داخل المدرسة.

نلاحظ من خلال هذا الجدول أن نسبة 53% من الطلاب تحدث بينهم مشاحنات داخل المدرسة مقابل 47% لا تحدث بينهم مشاحنات داخلها.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الثاني: هل تقوم بكسر الأشياء التي أمامك عندما تغضب؟

الغرض من السؤال: معرفة رد فعل الطالب عند الغضب على الأشياء التي تقابله.

 

الفئات

 

التكرار

 

النسبة المئوية

 

نعم 2020%
لا8080%
المجموع100100%

جدول رقم (2) يمثل نسبة التلاميذ ورد فعلهم تجاه الأشياء التي تصادفهم حال الغضب.

من خلال الجدول رقم 2 يتضح لنا أن معظم التلاميذ الممارسين للتربية البدنية لا يصبون جام غضبهم على الأشياء التي تصادفهم حال الغضب، وهذا يرجع في رأينا لضبط النفس الذي تعلموه في هذه الصفوف وكبح جماح النفس عند الغضب.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الثالث:

هل تغضب عندما يقوم معلمك بمعاقبتك؟

الغرض من السؤال:

معرفة الحالة النفسية للطالب عندما يعاقبه معلمه.

 

الفئات

 

التكرار

 

النسبة المئوية

 

نعم 5555%
لا4545%
المجموع100100%

جدول رقم (3) الطلبة وغضبهم من معلميهم عند معاقبتهم

من خلال هذا الجدول يتضح لنا أن 55% من الطلبة في المدارس المتوسطة يغضبون من معلمهم عندما يقوم بمعاقبتهم مقابل 45% منهم لا يغضبون.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الرابع:

هل ترد بالضرب على الطالب الذي يقوم بضربك؟

الغرض من السؤال:

معرفة رد فعل الطالب تجاه العنف الجسدي الذي يتعرض له داخل المدرسة.

 

الفئاتالتكرارالنسبة المئوية
نعم6767%
لا3333%
المجموع100100%

جدول رقم (4) يمثل نسبة رد العنف الجسدي بمثله داخل المدرسة.

نرى من خلال هذا الجدول أن نسبة 67% يردون على العنف الجسدي الواقع عليهم بالمثل، و33% منهم لا يرد الاعتداء.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الخامس:

كيف ترد على الأحتكاك الذي يحدث بينك وبين زملائك داخل صف التربية البدنية؟

الغرض من السؤال:

معرفة رد فعل الطلبة على الاحتكاك الذي يحدث بينهم وبين زملائهم اثناء حصة التربية البدنية.

 

الفئةالتكرارالنسبة المئوية
بخشونة77%
الصراخ في وجهه1414%
بكل روح رياضية وتسامح7979%
المجموع100100%

الشكل رقم (5) يمثل رد فعل الطلبة على الاحتكاك الذي يحدث بينهم وبين زملائهم اثناء حصة التربية البدنية.

نرى من خلال هذا الجدول أن نسبة 7% من الطلبة يردون بخشونة على احتكاكات زملائهم داخل صف التربية البدنية، و14% يردون على هذا الاحتكاك بالصراخ بينما النسبة الأكبر والمقتربة من الثلثين ردت بأنهم يتعاملون مع هذا الاحتكاك بتسامح وروح رياضية.

 

إذ يمثل الجدول والشكل البياني أن أكثر ثلثي الطلبة (79% منهم) لا يردون العنف والاحتكاكات بمثلها داخل مكان ممارسة الرياضة ويتعاملون بروح رياضية دليلاً على تهذيب الرياضة لنفوسهم، رغم أنهم في الأوقات العادية معظمهم يرد الإساءة بمثلها (67% منهم كما في الجدول والرسم البياني السابق).

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال السادس:

هل تقوم بضرب زميلك أو دفعه عندما لا يقوم بالتمرير لك أو يخطئ أثناء حصة التربية البدينة؟

الغرض من السؤال:

معرفة رد فعل الطالب من زميله الذي لم يمرر له في اللعبة.

 

 

 

الفئاتالتكرارالنسبة المئوية
نعم99%
لا9191%
المجموع100100%

الشكل رقم(6) يمثل رد فعل الطلاب على قيام زملائهم في حصة التربية البدنية بالاستئثار بالكرة وعدم التمرير لهم.

إذ قرر 91% منهم أنهم لا يردون على ذلك السلوك بالضرب أو الدفع مما يدل على تفهمهم لزملائهم ودوافعهم.

 

ــــــــــــــــــــــــــ

السؤال السابع:

هل تقوم بمصافحة الفريق الذي فاز عليك في صف التربية الرياضية؟

الغرض من السؤال:

معرفة حالة الطلبة مع بعضهم البعض بعد انتهاء صف التربية الرياضية.

الفئات

 

التكرار

 

النسبة المئوية

 

نعم8181%
لا1919%
المجموع100100%

شكل رقم (9)، يمثل نسبة الطلاب الذين يقومون بمصافحة الفريق المنافس بعد فوزه داخل صف التربية البدنية والرياضية.

 

يتبين من خلال الجدول السابق أن معظم الطلاب يهنئون زملائهم ويصافحونهم بعد فوز الفريق المنافس مما يدل على وجود الروح الرياضية بينهم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الثامن:

هل تعلمك حصة التربية البدنية أن تقلل من سلوكك العدواني البدني؟

الغرض من السؤال:

معرفة مدى مساعدة حصة التربية البدنية للطلاب في التقليل من السلوك العدواني البدني.

الفئاتالتكرارالنسبة المئوية
نعم8585%
لا1515%
المجموع100100%

الشكل رقم (8) يمثل مدى تأثير حصة التربية البدنية في الطلبة في تعليمهم السيطرة على العنف لديهم.

نرى في الشكل والجدول أن 85% من الطلبة يتأثرون بتعليم صف التربية البدنية لهم كيفية السيطرة على غضبهم وردود أفعالهم العنيفة، بينما يري 15% انها ليست ذات تأثير عليهم، مما يدل على أثر وفائدة صف التربية البدنية لتعلم السيطرة على العنف والحد منه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال التاسع:

ما هو شعورك أثناء ممارسة التربية البدنية؟

الغرض من السؤال:

معرفة الشعور الذي يتناب الطالب أثناء ممارسته الرياضة.

الفئةالتكرارالنسبة المئوية
السعادة7979%
القلق55%
الملل1616%
المجموع100100%

الجدول رقم(9) ويمثل النسبة المئوية لشعور الطلاب أثناء ممارستهم للتربية البدنية.

ويتضح من الجدول والشكل أن غالبية الطلاب بنسبة 79% – اكثر من الثلثين- يشعرون بالسعادة أثناء ممارستهم الرياضة في صف التربية البدنية، بينما يشعر 5% بالقلق، و16% بالملل.

ومن هذا يتضح أن صف التربية الرياضية يبعث السعادة في نفوس الطلاب مما يتسبب في تقليل مشاعر الإحباط والاكتئاب لديهم.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال العاشر:

هل تعتقد أن حصة التربية البدنية تساعدك على تكوين صداقات داخل المدرسة؟

الغرض من السؤال:

معرفة مدى تأثير صف التربية البدنية على علاقات الطالب وصداقاته داخل المدرسة.

الفئاتالتكرارالنسبة المئوية
نعم6868%
لا3232%
المجموع100100%

الجدول رقم (10) يمثل رأي الطلاب في تأثير صف التربية البدنية عليهم لتكوين صداقات.

ويوضح الشكل والجدول أن 68% من الطلاب يظنون أن صف التربية البدنية يساعدهم على تكوين صداقات داخل محيط المدرسة، ويرى 32% أنها لا تساعدهم.

ومن هنا نستنتج أن ممارسة التربية البدنية وحضور صفوفها يساعد نسبة كبيرة من الطلبة على تكوين صداقات داخل محيط المدرسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التحقق من الفرضيات:

التحقق من الفرضية الجزئية الأولى:

ثبت أن  صف التربية البدنية يساهم بشكل ملحوظ في تقليل السلوك العدواني بين تلاميذ المرحلة المتوسطة.

واتضح ذلك من اجابات الأسئلة رقم (1،2،3،4،5،6،7) وخاصة في السؤال رقم 6، 7 إذ قال 79% من الطلاب أنهم يتعاملون بروح رياضية رداً على الإحتكاكات داخل صف التربية البدنية وبنسبة 91% رداً على عدم قيام زملائهم بتمرير الكرة لهم، وقال 81% منهم أنهم يقومون بمصافحة الفريق المنافس في حالة الفوز دلالة على تمتعهم بالروح الرياضية.

 

التحقق من الفرضية الجزئية الثانية:

ثبت من الأستبيان صحة الفرضيىة الثانية وهي مساهمة صف التربية الرياضية في توطيد علاقة الطلبة ببعضهم البعض، وذلك يتضح في السؤال الثامن إذ قال 68% من الطلاب أن صف التربية البدنية ساعدهم على تكوين صداقات جديدة داخل المدرسة، كما قال 81% في السؤال السابع أنهم يصافحون الفريق المنافس حال فوزه دليلاً على التسامح وحسن معاملة الطلبة الآخرين داخل الصف.

 

التحقق من الفرضية الجزئية الثالثة:

إذ ثبت أن صف التربية البدينة يشعرهم بالسعادة ويعلمهم  كيفية التحكم في سلوكياتهم العنيفة وذلك يتضح من السؤال الخامس والسادس والسابع والثامن والعاشر، إذ قال 81% من الطلاب أنهم يتعاملون بروح رياضية ويصافحون الفريق المنافس، و91% أنهم لا يتعاملون بعنف مع زملائهم إن لم يمرروا لهم الكرة، و85% أن صف التربية الرياضية يعلمهم السيطرة على سلوكيات العنف.

 

وبهذا تكون الفرضية العامة وهي أن لصف التربية البدنية دور واضح في تقليل سلوكيات العنف المدرسي لدى طلبة المرحلة المتوسطة قد تحققت.

ــــــــــــــــــــ

نتائج الدراسة: حاولت من خلال هذه الدراسة توضيح مدى التغير الإيجابي للمراهق عبر ممارسة الرياضة من خلال صف التربية البدنية في المدرسة، فاستخلصت فكرة رئيسية بعد استخدمت الاسئلة في هذا الاستبيان وتحليل نتائجها من خلاله، فوجدنا أن مادة التربية البدنية هي متنفس المراهق، وله تأثير بالغ عليه إذ تهذب من سلوكه، وتزيد من ثقته بنفسه، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في بناء شخصيته في هذه المرحلة الصعبة من حياته، والتي يمر فيها بمتغيرات جسدية ونفسية عديدة تمهيداً لطور الشباب والنضوج.

 

من هنا جاء تشديد الكثير من المختصين النفسيين على ممارسة الأنشطة الرياضية وإقحامها في المدارس والأهتمام بها أيما أهتمام، لأنها تنمي الجانب الجسدي والنفسي لدى المراهق ويمر من هذه المرحلة بسلاسة.

 

توصلت الدراسة إلى النتائج التالية:  

1-يساهم صف التربية البدنية في التقليل من السلوك العدواني البدني عند طلاب المرحلة المتوسطة.

 

2-لحصة التربية البدنية والرياضية دور فعال في توطيد العلاقات بين الطالب وزملائه

في المرحلة المتوسطة.

 .

ومن هنا نستنتج أن  ممارسة النشاط البدني يساعد المراهق على أن يكون مثالا وقدوة في مجتمعه خاصة إن كان النشاط موجها من طرف مربين وأساتذة ومدربين، وتجدر الإشارة إلى أن النتائج التى توصلنا إليها تبقى نتائج نسبية، إذ لم لتؤخذ بعض المتغيرات التي لها دور في التأثير على سلوك المراهق كظروفه المعيشية ومستواه الثقافي.

 

وأخيراً نرجو من المسئولين والمدربين استغلال هذه النتائج لتوظيفها فيما ينمي المراهق ويشغل وقته

بصفة خاصة وجميع أفراد المجتمع بصفة عامة.

 

 

 

 

 

 

خاتمة

 

رغم أن التربية البدنية والرياضية مهمشة إلى حد ما في المملكة، ويقل الإهتمام بها عن بقية المواد، إلا أن لها بالغ الأثر على تحسين نفسية الطالب في مرحلة المراهقة، فضلاً عن تقوية جسمه، ونبوغ عقله. ولن يتحقق المؤمن القوي من فراغ، فلابد من العمل بجد على الأخذ بيده من سن مبكرة، ولا نتركه فريسة لوقت لا يُستفاد به، وطاقة مهدرة.

 

فوضع أهداف معينة لمادة التربية البدنية وتفعيلها، لهو أمر جلل وسنجني ثماره عاجلاً وآجلاً إن شاء الله، من قلة العنف، وتهذيب النفوس، وتزكيتها، وتقويتها، وبث الثقة فيها، وهكذا سيكون من السهل تفجير طاقة النشء في الإبداع الرياضي والذهني، كما سيساعدنا هذا المناخ النشط على تحسين صحتهم النفسية وبناءها على أسس سليمة.

 

 وأخيراً، يجب الإستفادة من الطاقات الشابة والعمل على تهيأتهم وتنشأتهم نشأة صحيحة إن أردنا مستقبلاً مزدهراً، وشباباً فتياً يُعلي راية الوطن في قوة وشموخ.

 

 

 

 

عن اسامه محمد

مدون عربي اهتم بكل ما هو جديد واقوم بتقديمه لكم

شاهد أيضاً

سعر ومواصفات أيفون 13 برو ماكس ومميزات وعيوب

سعر ومواصفات أيفون 13 برو ماكس ومميزات وعيوب

أطلقت Apple هاتف iPhone 13 Pro Max الذي طال انتظاره في الهند. تدعي الشركة أنه ...

تعليق واحد

  1. يحيى بن أحمد

    السلام عليكم، موضوع رائع وهادف ما شاء الله، الجزء التطبيقي منه يخدم العنوان بشكل منظم ومنضبط، لكن حبذا لو أرفقته بقائمة المراجع والمصادر التي استندت إليها من خلال الإحالات في المتن. بالتوفيق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *